«Сахих аль-Бухари». Хадис № 2461

 

2461 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِى يَزِيدُ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ :

قُلْنَا لِلنَّبِىِّ — صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لاَ يَقْرُونَا فَمَا تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَنَا: « إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ ، فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِى لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ » .

طرفه 6137 — تحفة 9954

 

2461 – Сообщается, что ‘Укъба ибн ‘Амир (да будет доволен им Аллах) сказал:  «(Однажды) мы сказали Пророку, да благословит его Аллах и приветствует: “Ты посылаешь нас[1], а мы останавливаемся у людей, не оказывающих нам (гостеприимства). Что ты об этом скажешь?” (В ответ Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует,) сказал нам: “Если остановитесь у каких-то людей и будет велено (принимать вас), как положено принимать гостя, то примите это, если же они этого не сделают, сами берите с них то, что полагается гостю”». См. также хадис № 6137. Этот хадис передал аль-Бухари (2461).

Также этот хадис передали Ахмад (4/169), аль-Бухари в «аль-Адабуль-муфрад» (745), Муслим (1727), Абу Дауд (3752), Ибн Маджах (3776), Ибн Хиббан (5288), аль-Байхакъи (9/197). См. «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (1441), «Сахих аль-Адабуль-муфрад» (572), «Ирвауль-гъалиль» (2524).


[1] То есть направляешь нас к людям из различных племён для обращения к ним с исламским призывом.

 

 

 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: قلنا: يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم.

المعنى العام

إكرام الضيف وإتحافه والاحتفاء به من أخلاق الإنسانية المحمودة وبها جاءت الشرائع وقد مدح الله إبراهيم عليه السلام بإكرامه ضيفه فقال { { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين*…*فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين* فقربه إليهم… } } [الذاريات: 24 وما بعدها] وكانت العرب تعتز بهذا الخلق وتفخر به وتبالغ فيه حتى قال قائلهم لعبده وخادمه:

أوقد فإن الليل ليل قر
والريح يا غلام ريح صر
لعل أن يبصرها المعتر
إن جلبت ضيفا فأنت حر

وللضيافة آداب للنازل وآداب للمنزول به بسطناها في كتاب الإيمان وحاصلها أن لا يحرج أحدهما الآخر فالهدف الإسلامي هو ترابط المجتمع وتعاطف أفراده ليكون المسلمان كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى.

وفي القرآن الكريم آية تعرف بآية الثقلاء تعيب على الضيف أن يكون ثقيلا على صاحب البيت يقول تعالى { { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق } } [الأحزاب: 53] .

إن على الضيف أن لا يلجأ للضيافة إلا عند الحاجة أو عند الرغبة في الترابط بين الزائر والمزور لله وفي الله وعلى صاحب البيت كذلك أن يستفيد من الضيافة دنيويا وأخرويا.

وبذلك تحقق الضيافة هدفها ويحقق الإسلام أن يكون أبناؤه كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

المباحث العربية

( سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم) مفعول سمعت وأبصرت محذوف والتقدير: سمعت أذناي صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تكلم وهاتان العبارتان تذكران كثيرا قبل الأحاديث لتوثيق الراوي من روايته وتستعملان بكثرة في الكلام العربي.
سمعته بأذني هاتين.
رأيته بعيني هاتين.

( فقال) الفاء تفسيرية وقال وما بعدها تفسير لقوله تكلم.

( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) ذكر المبدأ والنهاية كناية عن الكل كقولنا: باع ما أمامه وما خلفه وقولنا: هو الأول والآخر وذكر هذه العبارة قبل الأوامر والنواهي للإثارة وإلهاب العزائم للاستجابة كقولنا: يا ابن الرجل الصالح افعل كذا والمعنى يا من تتحلى بصفة الإيمان بالله وباليوم الآخر وما بين ذلك من لوازم الإسلام أكرم ضيفك.
قال الطوخي: ظاهر الحديث انتفاء الإيمان عمن لا يكرم ضيفه وليس مرادا بل أريد المبالغة كما يقول القائل: إن كنت ابني فأطعني -تهييجا له على الطاعة لا أنه بانتفاء طاعته ينتفي أنه ابنه.

( فليكرم ضيفه جائزته) لفظ ضيف يطلق على الواحد وعلى الجمع وجمع القلة أضياف وجمع الكثرة ضيوف وضيفان قال تعالى { { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين* إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما } } [الذاريات: 24 وما بعدها] فضيف فلان معناه أضيافه.
وجائزته بدل أي يكرم جائزته والجائزة في الأصل ما يجوز به المسافر ويحمله ويكفيه من مكان إلى مكان وتطلق على العطية.

وفي الرواية الثانية جائزته يوم وليلة وفي الرواية الأولى قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: يومه وليلته والمعنى فليكرمه يوما وليلة.

( والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه) قال ابن بطال: سئل عنه مالك فقال: يكرمه ويتحفه يوما وليلة وثلاثة أيام ضيافة واختلفوا هل الثلاثة غير اليوم الأول؟ أو به فقال أبو عبيد: يتكلف له في اليوم الأول بالبر والإلطاف وفي الثاني والثالث يقدم له ما حضره ولا يزيده على عادته ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة وقال الخطابي: معناه أنه إذا نزل به الضيف أن يتحفه ويزيده في البر على ما في حضرته يوما وليلة وفي اليومين الأخيرين يقدم له ما يحضره فإذا مضى الثلاث فقد قضى حقه فما زاد عليها مما يقدمه له يكون صدقة قال الحافظ ابن حجر: وقد وقع عند مسلم ( روايتنا الثانية) بلفظ الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة وهذا يدل على المغايرة ويؤيده ما قال أبو عبيد.

( ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه) وفي ملحق الرواية ولا يحل لأحدكم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه وعند البخاري ولا يحل له أن يثوي عنده يحرجه يقال: ثوى يثوي أي أقام يقيم بفتح الواو في الماضي وكسرها في المضارع ومعنى حتى يؤثمه حتى يوقعه في الإثم لأنه قد يغتابه لطول مقامه أو يعرض بما يؤذيه أو يظن به ظنا سيئا وهذا معنى حتى يحرجه.

( يقيم عنده ولا شيء له يقريه به) يقريه بفتح الياء يقال: قريت الضيف أقريه قرى وقرى الضيف ما يقدم له.

( إنك تبعثنا) البعوث التي تدعو إلى الإسلام.

( فننزل بقوم) ضيوفا.

( فلا يقروننا) بفتح الياء وفي رواية لا يقرونا بنون واحدة ومنهم من شددها وفي رواية الترمذي فلا هم يضيفوننا ولا هم يؤدون ما لنا من الحق.

( فما ترى؟) أي فما رأيك فيهم؟ يقال: رآه رأيا أي اعتقده والمعنى أخبرنا عن حكم ضيافتهم لنا وفي رواية البخاري فما ترى فيه أي في عدم قراهم لنا.

( إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا) وفي رواية البخاري فأمر لكم.

( فإن لم يفعلوا) في رواية للبخاري فإن أبوا.

( فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) وفي رواية البخاري فخذوا منهم أي من مالهم.

وسيأتي الكلام عن حق الضيف في فقه الحديث وقال: الذي ينبغي لهم ولم يقل: لكم لأن الضيافة على قدر سعة المنزول عليه لا على قدر النازل .

فقه الحديث

ظاهر الرواية الثالثة أن قرى الضيف واجب يوما وليلة وأن المنزول عليه لو امتنع من الضيافة أخذت منه قهرا وبهذا قال الليث مطلقا وخصه أحمد بأهل البوادي لأن النازل بهم لا يجد من يبيعه طعاما أو شرابا غالبا.
بخلاف أهل القرى والمدن وفي رواية خصه بأهل البوادي والقرى دون أهل المدن.

وقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة والجمهور: هي سنة ليست بواجبة واهتمام الأحاديث بها لعظم موقعها وأنها من متأكدات مكارم الأخلاق كحديث غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم أي متأكد الاستحباب.

ووجه الجمهور حديث حق الضيف وأجابوا عن ظاهر روايتنا الثالثة بأجوبة:

أحدها: حمل الحديث على المضطرين فإن ضيافتهم واجبة فإن لم يضيفوهم فلهم أن يأخذوا حاجتهم من مال الممتنعين ثم اختلفوا هل يلزم المضطر العوض أم لا؟

ثانيها: أن ذلك كان أول الإسلام وكانت المواساة واجبة فلما فتحت الفتوح نسخ ذلك ويدل على نسخه قوله جائزته يوم وليلة والجائزة تفضل لا واجبة قال الحافظ ابن حجر: وهذا ضعيف لاحتمال أن يراد بالتفضل تمام اليوم والليلة لا أصل الضيافة وفي حديث المقدام بن معد يكرب مرفوعا أيما رجل ضاف قوما فأصبح الضيف محروما فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله أخرجه أبو داود وهو محمول على ما إذا لم يظفر منه بشيء.

ثالثها: أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام فكان على المبعوث إليهم إنزالهم في مقابلة عملهم الذي يتولونه لأنه لا قيام لهم إلا بذلك حكاه الخطابي وقال: وكان هذا في ذلك الزمان إذ لم يكن للمسلمين بيت مال فأما اليوم فأرزاق العمال من بيت المال قال: وإلى هذا نحا أبو يوسف في الضيافة على أهل نجران خاصة وتعقب بأن في رواية الترمذي إنا نمر بقوم.

رابعها: أنه خاص بأهل الذمة وقد شرط عمر حين ضرب الجزية على نصارى الشام ضيافة من نزل بهم وتعقب بأنه تخصيص يحتاج إلى دليل خاص ولا حجة لذلك فيما صنعه عمر لأنه متأخر عن زمان السؤال.

خامسها: تأويل المأخوذ فحكي عن بعضهم أن المراد أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم وتذكروا للناس عيوبهم وتعقب بأن الأخذ من العرض وذكر العيب ندب في الشرع إلى تركه لا إلى فعله.

قال الحافظ ابن حجر: وأقوى الأجوبة الأول.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

1- التنفير من إقامة الضيف فوق ثلاث إذ عبر عن ذلك بأنه صدقة ونفي عنه الحل في الرواية الثانية قال النووي: وهذا محمول على ما إذا أقام بعد الثلاث من غير استدعاء من المضيف أما إذا استدعاه وطلب منه زيادة إقامته أو علم أو ظن أنه لا يكره إقامته فلا بأس بالزيادة لأن النهي إنما كان لكونه يؤثمه وقد زال هذا المعنى والحالة هذه أما لو شك في حال المنزول به هل يكره الزيادة؟ ويلحقه بها حرج أم لا؟ لم تحل له الزيادة لظاهر الحديث.

2- أنه ينبغي الإمساك عن الكلام الذي ليس فيه خير ولا شر لأنه مما لا يعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ولأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام وهذا موجود في العادة وكثير وقد سبق شرح ذلك مبسوطا في كتاب الإيمان.

3- استدل بالرواية الثالثة على ما عرف بمسألة الظفر قصاص المظلوم من الظالم إذا وجد ماله.

وبها قال الشافعي فجزم بجواز الأخذ فيما إذا لم يكن تحصيل الحق بالقاضي كأن يكون غريمه منكرا ولا بينة له فعند وجود الجنس يجوز للمظلوم أخذه إن ظفر به وإن لم يجد الجنس ووجد غيره أخذ من غيره بقدره ويجتهد في التقويم ولا يحيف فإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي فالأصح عند أكثر الشافعية الجواز أيضا وعند المالكية الخلاف وجوزه الحنفية في المثلى دون المتقوم لما يخشى فيه من الحيف واتفقوا على أن محل الجواز في الأموال لا في العقوبات البدنية لكثرة الغوائل في ذلك ومحل الجواز في الأموال أيضا أن يأمن الغائلة والوقوع تحت طائلة القانون كأن يتهم بالسرقة ونحو ذلك.

والله أعلم.

شرح الحديث من شرح السيوطى

[1727] فَإِن لم يَفْعَلُوا فَخذ مِنْهُم حق الضَّيْف أَخذ اللَّيْث وَأحمد بِظَاهِرِهِ وَالْجُمْهُور حملوه على الْمُضْطَرين وَمِنْهُم من قَالَ الضِّيَافَة كَانَت وَاجِبَة فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ وُجُوبهَا

 

 

هل للضيف أن يأخذ ضيافته ، إذا لم يقم بها المضيف ؟

 

 

 

السؤال

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا ، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم» . ( صحيح الجامع الصغير 1441)
ولدى سؤالان :
1) ما هي حقوق الضيف ؟.
2) إذا تم حرمان الضيف من هذه الحقوق فما هي الوسائل المشروعة لأخذ هذه الحقوق ؟ وأعني إلى أي حد يمكن للمرء المطالبة بحقوقه ؟.

 

 

 

نص الجواب

الحمد لله
أولا :
الضيافة من آداب الإسلام ، وخلق النبيين والصالحين ، وأمارة من أمارات صدق الإيمان .
ويكون الأدب مع الضيف بإكرامه بطلاقة الوجه ، وحسن اللقاء ، وطيب الكلام ، والإطعام ونحو ذلك ، مما جرى العرف عليه .
ويقدم له في أول يوم ينزله عنده أحسن ما يأكل منه هو وعياله ، ويجتهد في إتحافه ، وتقديم أحسن ما يجده له .
روى البخاري (6019) ومسلم (48) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ ) قَالَ : وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
» قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّيْف أَنْ يُتْحِفهُ ، وَيَزِيدهُ فِي الْبِرّ عَلَى مَا بِحَضْرَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَة , وفي الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يُقَدِّم لَهُ مَا يَحْضُرهُ , فَإِذَا مَضَى الثَّلَاث فَقَدْ قَضَى حَقّه ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِ مِمَّا يُقَدِّمهُ لَهُ يَكُون صَدَقَة » انتهى .

ثانيا :
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ سُنَّةٌ ، وَمُدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ .
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ — وَهِيَ الْمَذْهَبُ — أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَمُدَّتُهَا يَوْمٌ لَيْلَةٌ ، وَالْكَمَال ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ . وَبِهَذَا يَقُول اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ .
«الموسوعة الفقهية» (28 / 316-317)
والقول بوجوب ضيافة يوم وليلة هو الراجح .
قال ابن قدامة رحمه الله :
» والواجب يوم وليلة ، والكمال ثلاثة أيام » انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :
» إن للضيف حقّاً على مَن نزل به ، وهو ثلاث مراتب : حق واجب ، وتمام مستحب ، وصدقة من الصدقات ، فالحق الواجب : يوم وليلة , وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المراتب الثلاثة في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي شريح الخزاعي » انتهى .
«زاد المعاد» (3/658) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
» والحق وجوب الضيافة لأمور :
الأول : إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك ، وهذا لا يكون في غير واجب .
والثاني : التأكد البالغ بجعل ذلك فرع الإيمان بالله واليوم الآخر يفيد أن فعل خلافه فعل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، ومعلوم أن فروع الإيمان مأمور بها ، ثم تعليق ذلك بالإكرام وهو أخص من الضيافة فهو دال على لزومها بالأولي .
والثالث : قوله : ( فما كان وراء ذلك فهو صدقة ) فإنه صريح في أن ما قبل ذلك غير صدقة بل واجب شرعا .
قال الخطابي : يريد أن يتكلف له في اليوم الأول ما اتسع له من بر وألطاف ، ويقدم له في اليوم الثاني ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته ، فما جاوز الثلاث فهو معروف وصدقة إن شاء فعل وإن شاء ترك » انتهى .
«نيل الأوطار» (9 / 30) .

ثالثا :
الضيف المقصود بالإكرام هو المسافر الذي يجتاز بغيره في الطريق ، وليس المراد به من كان من أهل البلد ، فذهب إلى بيت صاحبه .
واختلف أهل العلم القائلون بوجوب الضيافة ، هل هذا الوجوب على كل أحد ، أو هو خاص بحال دون حال .
قال ابن رجب رحمه الله :
» وقال حُميدُ بن زَنجويه : ليلةُ الضَّيف واجبةٌ ، وليس له أنْ يأخذَ قِراه منهم قهراً ، إلاَّ أنْ يكونَ مسافراً في مصالح المسلمين العامَّة دونَ مصلحة نفسه …
ونقل عليُّ بن سعيدٍ ، عن أحمدَ ما يدلُّ على وجوب الضيافة للغُزاة خاصَّةً بمن مرُّوا بهم ثلاثةَ أيَّامٍ ، والمشهور عنه الأولُ ، وهو وجوبُها لكلِّ ضيفٍ نزلَ بقومٍ .
واختلف قوله : هل تجبُ على أهلِ الأمصار والقُرى ، أم تختصُّ بأهلِ القُرى ومَنْ كان على طريقٍ يمرُّ بهم المسافرون ؟ على روايتين منصوصتين عنه «انتهى من «جامع العلوم» (142).
وينظر جواب السؤال رقم : (128791) .

ثالثا :
إذا ترك المضيف حق ضيفه عليه ، فلم يقدم له ما يحتاجه ، فهل له أن يأخذ بقدر ضيافته بالمعروف ، ولو لم يأذنوا به ؟
إلى ذلك ذهب بعض أهل العلم القائلين بوجوب الضيافة ، وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد ؛ لأن الشرع قد جعل ذلك حقا له ، فإن لم يعطه المضيف طوعا ، كان له أن يأخذه قهرا ؛ إما بنفسه ، أو عن طريق القضاء . لما رواه أبو داود (3804) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَأَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا فَلَمْ يَقْرُوهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ )
وروى الإمام أحمد (8725) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيُّمَا ضَيْفٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ قِرَاهُ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ ) .
صححه الألباني في «الصحيحة» (640) .
وروى البخاري (6137) ومسلم (1727) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى ؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ ) .
قال الإمام أحمد رحمه الله :
» يعني أن يأخذ من أرضهم وزرعهم وضرعهم بقدر ما يكفيه بغير إذنهم » انتهى . من «المغني» (9/343) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
» الضيف إذا نزل بشخص وامتنع من ضيافته فإن للضيف أن يأخذ من ماله ما يكفيه لضيافته بالمعروف من غير علمه ؛ لأن الحق في هذا ظاهر ؛ فإن الضيف إذا نزل بالشخص يجب عليه أن يضيفه يوما وليلة حقاً واجباً ، لا يحل له أن يتخلف عنه » انتهى .
«فتاوى نور على الدرب» (234 / 8) .

وذهب جمهور العلماء إلى أن الضيف لا يحل له أن يأخذ من مال مضيفه شيئا بغير إذنه ، حتى ولو يقدم له ما ينبغي في ضيافته ، أو لم يضفه أصلا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني .
وهذا ظاهر على مذهب الجمهور الذين يرون الضيافة مكرمة ومستحبة ، ولا يرون وجوبها من حيث الأصل .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
«وقد روى الربيع عن الشافعي أنه قال : الضيافة على أهل البادية والحاضرة حق واجب في مكارم الأخلاق ، وقال مالك : ليس على أهل الحضر ضيافة .
وقال سحنون إنما الضيافة على أهل القرى وأما الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر» انتهى . من التمهيد(21/43) .

وأما على مذهب الإمام أحمد في وجوب الضيافة ، فقد سبق النقل ـ في رواية عنه ـ أن ذلك خاص بالغزاة في سبيل الله فقط ، وأما غيرهم فلا يأخذ إلا ما أعطاه المضيف .
قال ابن قدامة رحمه الله :
» قَالَ الْأَثْرَمُ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الضِّيَافَةِ , أَيَّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِيهَا ؟ قَالَ هِيَ مُؤَكَّدَةٌ , وَكَأَنَّهَا عَلَى أَهْلِ الطُّرُقِ وَالْقُرَى الَّذِينَ يَمُرُّ بِهِمْ النَّاسُ أَوْكَدُ , فَأَمَّا مِثْلُنَا الْآنَ , فَكَأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ أُولَئِكَ » انتهى . من «المغني» (9/343) .

والخلاصة :
أنه حق الضيف واجب في الأظهر ، على ما سبق ، وأما إذا امتنع مضيفه من حقه ، فقد اختلف أهل العلم : هل له أن يأخذ حقه منه قهرا ، كما هو ظاهر الأحاديث السابقة ، أو لا يحل له ذلك ؟
والأحوط ألا يأخذ شيئا منه قهرا ، لقوة الخلاف فيه ، واحتمال خصوصية الأخذ قهرا ببعض الأحوال ، كالمضطر إلى الضيافة ، أو نحو ذلك .
وينظر : «فتح الباري» ، لابن حجر (5/108) ، «استيفاء الحقوق من غير قضاء» للدكتور فهد اليحي (148-153) .
والله أعلم .

 

 

 

 

Добавить комментарий

Ваш адрес email не будет опубликован. Обязательные поля помечены *

Ваше сообщение в комментах

Давайте проверим, что вы не спамбот *Достигнут лимит времени. Пожалуйста, введите CAPTCHA снова.

Этот сайт использует Akismet для борьбы со спамом. Узнайте, как обрабатываются ваши данные комментариев.