12 – باب شُرْبِ النَّاسِ وَسَقْيِ الدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ .
12 – Глава: Питьё (воды) людьми и поение животных из рек
أطرافه 2860 ، 3646 ، 4962 ، 4963 ، 7356 — تحفة 12316 — 149/3
Также этот хадис передали имам Малик в «аль-Муваттаъ» (964), имам Ахмад (2/383), Муслим (987), ан-Насаи (6/216-217), Ибн Хиббан (4672), аль-Байхакъи (10/15).
[1] Имеется в виду защита от бедности, иначе говоря, то, благодаря чему человек зарабатывает себе на жизнь.
[2] То есть бременем греха.
[3] Здесь подразумевается, что такой человек содержит лошадей, готовя их к участию в джихаде.
[4] Это значит, что такой человек не забывает выплачивать закят со своих доходов, полученных им благодаря продаже или использованию лошадей, которых он содержит, и не заставляет их делать непосильную работу.
[5] То есть Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, спросили, не может ли он сказать что-нибудь подобное относительно использования ослов в вышеупомянутых целях.
[6] «Землетрясение», 7 − 8.
شرح الحديث
التخريج : أخرجه البخاري (2371 )، ومسلم (987) بنحوه
في هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأحوالِ مَن يَقتني الخيلَ فإمَّا أنْ تكونَ له أجرًا، أو سِتْرًا، أو وِزرًا، «فأمَّا الَّذي له أجرٌ، فرجلٌ ربطَها في سبيلِ اللهِ» أي: أعدَّها للجهادِ في سبيلِ اللهِ، «فأطالَ بها في مرْجٍ أو روضةٍ» أي: ربطَها بحبلٍ طويلٍ في أرضٍ واسعةٍ بها عُشبٌ كثيرٌ، «فما أصابَتْ في طَيْلِها ذلك مِنَ المرْجِ أو الرَّوضةِ كانت له حسناتٍ»، أي: ما أكلَتْه في حَبْلِها ذلك الَّذي رُبطتْ به مِنَ العشبِ كان ذلك لصاحبِها حسناتٍ، «ولو أنَّه انقطعَ طَيلُها»، أي: ولوِ انْقطعَ حَبْلُها الَّذي ربطَها بها، «فاستنَّت» أي: جرَت، «شرفًا أو شرفَينِ»، أي: شوْطًا أو شوْطينِ، «كانت آثارُها وأرواثُها حسناتٍ له»، أي: كانتِ الآثارُ الَّتي تُحدِثها في الأرضِ بحوافرِها والأَرواثُ الَّتي تخلُفُها حَسناتٍ لصاحبِها، «ولو أنَّها مرَّتْ بِنَهرٍ فشرِبتْ منه، ولم يُرِد أن يَسقِيَ كان ذلك حسناتٍ له» أي: لو مرَّتْ هذه الخيلُ بنهرٍ فشربت منه دونَ أن يُريدَ صاحبُها أنْ يَسقيَها كان ذلك أيضا له حسناتٍ.
أما الثاني، فقالَ فيه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ورجلٌ ربطَها تغنِيًّا وتعفُّفًا»، أي: جعَلَها لِيتسغنيَ بها عن حاجتِه للنَّاسِ ويَتعفَّفَ عَن سؤالِهم، «ثم لم يَنسَ حقَّ اللهِ في رِقابها، ولا ظهورِها»، أي: أخرجَ زكاتَها في رقابها، ولم يُحمِّلْها على ظهرِها ما لا تُطيقُ، أو لم يَنْسَ أن يُركِبَ فوق ظهرِها في سبيلِ اللهِ، «فهي لذلكَ سِترٌ» أي: ساترةٌ لِفقرِه وحالِه.
وقال في الثالث: «ورجلٌ ربَطَها فخرًا ورياءً»، أي: لأجلِ التَّفاخرِ بها والتَّعاظُمِ؛ وإظهارًا للطاعةِ، «ونُواءً لأهلِ الإسلامِ» أي: عداوةً لأهلِ الإسلامِ، «فهي على ذلك وزرٌ»، أي: يَتحمَّلُ بها الإثمَ.
ثم سُئلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الحُمُرِ؛ هلْ لها ما في الخيلِ مِنَ الأجرِ، فقال: «مَا أُنزِلَ عليَّ فيها شيءٌ إلَّا هذه الآيةَ الجامعةَ الفاذَّة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}»، والفاذَّة: الْمُنفردةُ في معناها، والمعنى: أنَّه إنْ كان صاحبُ الحُمُر أراد بجَمعِها الخيرَ فلا بُدَّ أن يُجزَى جزاءَه، ويَحصُلَ له الأجرُ وإلَّا فَبِالعكسِ.
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْأَنْهَارَ الْكَائِنَةَ فِي الطُّرُقِ لَا يَخْتَصُّ بِالشُّرْبِ مِنْهَا أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذِكْرِ الْخَيْلِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا فِي الْجِهَادِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ[ قــ :2271 … غــ :2371] . قَوْلُهُ فِيهِ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَهَائِمِ طَلَبَ الْمَاءِ وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ صَاحِبُهَا فَإِذَا أُجِرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَيُؤْجَرُ بِقَصْدِهِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى فَثَبَتَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ ثَانِيهُمُا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي اللُّقَطَةِ وَسَيَأْتِي فِيهَا مَشْرُوحًا وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ .
قَوْلُهُ فِيهِ مَعَهَا سقاؤها وحذاؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر
شرح الحديث من إرشاد الساري
( باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار) .[ قــ :2271 … غــ : 2371 ]
— حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ.
فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ.
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ.
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ.
وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .
[الحديث 2371 — أطرافه في: 2860، 3646، 4962، 4963، 7356] .وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك بن أنس) الإمام ( عن زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر المدني ( عن أبي صالح) ذكوان ( السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الخيل لرجل أجر) أي ثواب ( ولرجل ستر) أي ساتر لفقره ولحاله ( وعلى رجل وزر) أي إثم ووجه الحصر في هذه أن الذي يقتني الخيل إما أن يقتنيها للركوب أو للتجارة وكلٌّ منهما إما أن يقترن به فعل طاعة الله وهو الأول أو معصيته وهو الأخير أو يتجرد عن ذلك وهو الثاني ( فأما) الأول ( الذي) هي ( له أجر فرجل ربطها في سبيل الله) أي أعدّها للجهاد ( فأطال بها) ولأبي ذر: لها باللام بدل الموحدة ( في مرج) بفتح الميم وبعد الراء الساكنة جيم أرض واسعة فيها كلأ كثير ( أو روضة) شك من الراوي ( فما أصابت في طيلها ذلك) بكسر الطاء المهملة وبعد التحتية المفتوحة لام الحبل الذي يربط به ويطوّل لها لترعى ويقال طول بالواو المفتوحة بدل الياء ( من المرج أو الروضة كانت له) أي لصاحبها، ولأبي ذر: كان لها ( حسنات) بالنصب ( ولو أنه انقطع طيلها فاستنت) بفتح الفوقية وتشديد النون أي عدت بمرح ونشاط أي رفعت يديها وطرحتهما معًا ( شرفًا أو شرفين) بالشين المعجمة المفتوحة والفاء فيهما أي شوطًا أو شوطين وسمي به لأن المغازي يشرف على ما
يتوجه إليه وقال في المصابيح كالتنقيح الشرف العالي من الأرض ( كانت آثارها) في الأرض بحوافرها عند خطواتها ( وأرواثها حسنات له) أي لصاحبها ( ولو أنها مرّت بنهر) بفتح الهاء وسكونها لغتان فصيحتان ( فشربت منه) من غير قصد صاحبها ( ولم يرد أن يسقي) بحذف ضمير المفعول ( كان ذلك) أي شربها وعدم إرادته أن يسقيها ( حسنات له فهي لذلك أجر) لرابطها.
وهذا موضع الترجمة ( و) الثاني الذي هي له ستر ( رجل ربطها تغنيًّا) بفتح الفوقية والغين المعجمة وكسر النون المشددة أي استغناء عن الناس يطلب نتاجها ( وتعففًا) عن سؤالهم فيتجر فيها أو يتردّد عليها متاجرة أو مزارعة ( ثم لم ينس حق الله) المفروض ( في رقابها) فيؤدي زكاة تجارتها ( ولا) في ( ظهورها) فيركب عليها في سبيل الله أو لا يحملها ما لا تطيقه ( فهي لذلك) المذكور ( ستر) لصاحبها أي ساترة لفقره ولحاله ( و) الثالث الذي هي له وزر ( رجل ربطها فخرًا) نصب للتعليل أي لأجل الفخر أي تعاظمًا ( ورياءً) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلاف ذلك ( ونواء) بكسر النون وفتح الواو وممدودًا أي عداوة ( لأهل الإسلام فهي على ذلك) الرجل ( وزر) إثم.
( وسئل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحمر) أي عن صدقتها كما قال الخطابي والسائل هو صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( ما أنزل عليّ فيها شيء) منصوص ( إلا هذه الآية الجامعة) أي العامة الشاملة ( الفاذة) بالذال المعجمة المشددة أي القليلة المثل المنفردة في معناها فإنها تقتضي أن من أحسن إلى الحمر رأى إحسانه في الآخرة ومن أساء إليها وكلفها فوق طاقتها رأى إساءته لها في الآخرة ( { فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} ) [الزلزلة: 7 — 8] والذرة النملة الصغيرة وقيل الذر ما يرى في شعاع الشمس من الهباء.
وقال الزركشي وهو أي قوله الجامعة حجة لمن قال بالعموم في من وهو مذهب الجمهور، قال في المصابيح: وهو حجة أيضًا في عموم النكرة الواقعة في سياق الشرط نحو: { من عمل صالحًا فلنفسه} [فصّلت: 46، الجاثية: 15] .
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الجهاد وفي علامات النبوّة والتفسير والاعتصام ومسلم في الزكاة والنسائي في الخيل.
( بابُُ شُرْبِ النَّاسِ وسَقْيِ الدَّوَابِّ مِنَ الأنْهَارِ)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَال شرب النَّاس وَسقي الدَّوَابّ من الْأَنْهَار، مَقْصُوده الْإِشَارَة إِلَى أَن مَاء الْأَنْهَار الْجَارِيَة غير مُخْتَصّ لأحد.
وَقَامَ الْإِجْمَاع على جَوَاز الشّرْب مِنْهَا دون اسْتِئْذَان أحد، لِأَن الله تَعَالَى خلقهَا للنَّاس وللبهائم وَلَا مَالك لَهَا غير الله، فَإِذا أَخذ أحد مِنْهَا شَيْئا فِي وعائه صَار ملكه فيتصرف فِيهِ بِالْبيعِ وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَنَحْوهَا، فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا بَأْس بِبيع المَاء بِالْمَاءِ مُتَفَاضلا وَإِلَى أجل،.
وَقَالَ مُحَمَّد: هُوَ مِمَّا يُكَال أَو يُوزن، وَقد صَحَّ أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمدِّ ويغتسل بالصاع، فعلى هَذَا لَا يجوز عِنْده فِيهِ التَّفَاضُل وَلَا النَّسِيئَة لوُجُود عِلّة الرِّبَا، وَهِي الْكَيْل وَالْوَزْن، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، لِأَن الْعلَّة الطّعْم.
[ قــ :2271 … غــ :2371 ]
— حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكُ بنُ أنَسٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ أبِي صالِحٍ السَّمَّانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الخَيْلُ لِرَجُلٍ أجْرٌ ولِرَجُلٍ سِتْرٌ وعلَى رجُلٍ وزْرٌ فأمَّا الَّذِي لَهُ أجْر فرَجُلٌ ربَطَها فِي سَبِيلِ الله فأطالَ بِها فِي مَرْجٍ أوْ رَوْضَةٍ فَما أصَابَتْ فِي طِيَلِها ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أوِ الرَّوْضَةِ كانَتْ لَهُ حَسَناتٍ ولوْ أنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُها فاستَنَّتْ شَرَفاً أوْ شَرَفَيْنِ كانَتْ آثارُها وأرْوَاثُها حَسناتٍ لَهُ ولَوْ أنَّها مَرَّت بِنَهْرٍ فشَرِبَتْ مِنْهُ ولَم يُرِدْ أنْ يَسْقِيَ كَانَ ذلِكَ حَسناتٍ لَهُ فَهْيَ لِذَلِكَ أجرٌ ورجلٌ ربَطهَا تغَنِّياً وتعَفُّفاً ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ الله فِي رِقابِهَا وَلَا ظُهُورِها فَهْيَ لِذَلِكَ سترٌ ورَجلٌ ربَطَهَا فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأهْلِ الإسْلاَمِ فَهْيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ وسُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحُمُرِ فَقَالَ مَا أُنْزِلَ علَيَّ فِيها شَيءٌ إلاَّ هذهِ الآيَةُ الجامِعَةُ الْفَاذةُ { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهْ ومَنْ يَعْملْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهْ} ( الزلزلة: 7، 8) .
.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ) وتوضيحه أَن مَاء النَّهر لَو كَانَ مُخْتَصًّا لأحد لاحتيج إِلَى إِذْنه، وَحَيْثُ أطلقهُ الشَّارِع يدل على أَنه غير مُخْتَصّ بِأحد وَلَا فِي ملك أحد.
.
وَقَالَ بَعضهم: وَالْمَقْصُود مِنْهُ، أَي: من هَذَا الحَدِيث، قَوْله فِيهِ: ( وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ) وَلم يرد أَن يسْقِي، فَإِنَّهُ يشْعر بِأَن من شَأْن الْبَهَائِم طلب المَاء وَلَو لم يرد ذَلِك صَاحبهَا، فَإِذا أجر على ذَلِك من غير قصد فيؤجر بِقَصْدِهِ من بابُُ الأولى.
انْتهى.
قلت: غَرَض هَذَا الْقَائِل من هَذَا الْكَلَام بَيَان الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث الْمَذْكُور، وَلَكِن بمعزل من ذَلِك وَبعد عَظِيم، لِأَن عقد التَّرْجَمَة فِي بَيَان أَن مَاء الْأَنْهَار لَا يخْتَص بِأحد يشرب مِنْهَا النَّاس وَالدَّوَاب، وَلَيْسَت بمعقودة فِي حُصُول الْأجر بِقصد صَاحب الدَّابَّة وَبِغَيْرِهِ قصد إِذا شربت مِنْهُ.
وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم، وَأَبُو صَالح ذكْوَان.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن القعْنبِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الِاعْتِصَام عَن إِسْمَاعِيل، كِلَاهُمَا عَن مَالك عَنهُ بِهِ وَفِي التَّفْسِير أَيْضا عَن يحيى بن سُلَيْمَان عَن ابْن وهب عَن مَالك بِقصَّة الْحمر.
وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن سُوَيْد بن سعيد وَعَن يُونُس عَن ابْن وهب.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْخَيل عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِقصَّة الْخَيل.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أجر) : أَي: ثَوَاب.
قَوْله: ( ستر) أَي: سَاتِر لفقره ولحاله.
قَوْله: ( وزر) ، أَي: إِثْم وَثقل.
قَوْله: ( ربطها فِي سَبِيل الله) ، أَي: أعدهَا للْجِهَاد، وَأَصله من ربط الشَّيْء، وَمِنْه المرابط، وَهُوَ الرجل الَّذِي يحبس نَفسه فِي الثغور، والرباط هُوَ الْمَكَان الَّذِي يرابط فِيهِ الْمُجَاهِد ويعد الأهبة لذَلِك، وَقيل: من ربط صَاحبه عَن الْمعاصِي وعقله كمن ربط وعقل.
قَوْله: ( فَأطَال بهَا فِي مرج) ، أَي: شدها فِي طوله، الطول بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْوَاو وَفِي آخِره لَام، وَكَذَلِكَ: الطيل، بِالْيَاءِ مَوضِع الْوَاو، وَهُوَ حَبل طَوِيل يشد أحد طَرفَيْهِ فِي وتد أَو غَيره والطرف الآخر فِي يَد الْفرس ليدور فِيهِ ويرعى، وَلَا يذهب لوجهه.
وَقيل: هُوَ الْحَبل تشد بِهِ ويمسك صَاحبه بطرفه ويرسلها ترعى،.
وَقَالَ ابْن وهب: هُوَ الرسن، والمرج: الأَرْض الواسعة، قَالَ أَبُو الْمعَانِي: يجمع الْكلأ الْكثير وَالْمَاء تمرج فِيهَا الدَّوَابّ حَيْثُ شَاءَت، وَالْجمع: مروج.
قَوْله: ( طيلها) بِكَسْر الطَّاء، وَقد مر الْآن، وَأنكر يَعْقُوب الْيَاء،.
وَقَالَ : لَا يُقَال إلاَّ بِالْوَاو.
وَعَن الْأَخْفَش: هما سَوَاء، وَزعم الخضراوي: أَن بَعضهم أجَاز فِيهِ: طوال، كَمَا تَقول الْعَامَّة، وَأنكر ذَلِك الزبيدِيّ،.
وَقَالَ : لَا أعرفهُ صَحِيحا.
وَفِي ( الْجَامِع) : وَمِنْهُم من يشدد فَيَقُول طول، وَمِنْه قَول الراجز:
( تعرضت لي فِي مَكَان حلي … تعرض المهرة فِي الطِوَل)
وَقَالَ الْجَوْهَرِي: لم يسمع فِي الطول الَّذِي هُوَ الْحَبل إلاَّ بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي وشدده الراجز ضَرُورَة، وَقد يَفْعَلُونَ مثل ذَلِك للتكثير، وَيزِيدُونَ فِي الْحَرْف من بعض حُرُوفه.
وَفِي ( الْمطَالع) : وَعند الْجِرْجَانِيّ: فِي طولهَا، فِي مَوضِع من البُخَارِيّ، وَكَذَا فِي مُسلم.
قَوْله: ( فاستنت) ، أَي: أفلتت ومرحت، والاستنان: قَالَ فِي ( التَّلْوِيح) : الاستنان تفعل من السّنَن وَتَبعهُ على ذَلِك صَاحب ( التَّوْضِيح) .
قلت: هَذَا غلط، بل هُوَ افتعال، وَالسّنَن الْقَصْد، وَقيل: معنى استنت: لجت فِي عدوها إقبالاً وإدباراً، وَقيل: الاستنان يخْتَص بالجري إِلَى فَوق، وَقيل: هُوَ النشاط والمرح، وَفِي ( البارع) : هُوَ كالرقص، وَقيل: استنت رعت، وَقيل: الجري بِغَيْر فَارس.
قَوْله: ( شرفا) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء: مَا أشرف من الأَرْض وارتفع، وَقيل: الشّرف والشرفان الشوط والشوطان، سمي بِهِ لِأَن العادي بِهِ يشرف على مَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ.
قَوْله: ( آثارها) الْآثَار جمع أثر، وَأثر كل شَيْء بَقِيَّته، وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ أثر خطواتها فِي الأَرْض بحافرها.
قَوْله: ( بنهر) ، بِسُكُون الْهَاء وَفتحهَا لُغَتَانِ فصيحتان ذكرهمَا ثَعْلَب،.
وَقَالَ الْهَرَوِيّ: الْفَتْح أفْصح،.
وَقَالَ ابْن خالويه: الأَصْل فِيهِ التسكين، وَإِنَّمَا جَازَ فَتحه لِأَن فِيهِ حرفا من حُرُوف الْحلق.
قَالَ: وحروف الْحلق إِذا وَقعت آخر الْكَلَام فتح وَسطهَا، وَإِذا وَقعت وسطا فتحت نَفسهَا، وَقيل: لِأَنَّهُ حرف استعلاء فَفتح لاستعلائه.
وَفِي ( الموعب) : نهر ونهور مثل جمع وجموع،.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: نهر وأنهار مثل جبل وأجبال.
قَوْله: ( وَلم يرد أَن يسقيها) من بابُُ التَّنْبِيه، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ يحصل لَهُ هَذِه الْحَسَنَات من غير أَن يقْصد سقيها فَإِذا قَصدهَا فَأولى بأضعاف الْحَسَنَات.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَا يُرِيد أَن يسقيها أَي: يمْنَعهَا من شرب يَضرهَا إِذا احْتبست للشُّرْب لفوته مَا يأمله أَو إِدْرَاك مَا يخافه، أَو لِأَنَّهُ كره أَن يشرب من مَاء غَيره بِغَيْر إِذْنه.
قَوْله: ( تغَنِّيا) ، نصب على التَّعْلِيل أَي: اسْتغْنَاء عَن النَّاس بِطَلَب نتاجها الْغنى والعفة.
قَوْله: ( وَتَعَفُّفًا) ، عطف عَلَيْهِ أَي: لأجل ذَلِك تعففه عَن سُؤَالهمْ بِمَا يعمله عَلَيْهَا ويكتسبه على ظُهُورهَا ويتردد عَلَيْهَا إِلَى متاجره أَو مزارعه وَنَحْو ذَلِك فَتكون سترا لَهُ عَن الْفَاقَة.
قَوْله: ( ثمَّ لم ينس حق الله فِي رقابها) ، فَيُؤَدِّي زَكَاة تجارتها.
قَوْله: ( وَلَا ظُهُورهَا) ، أَي: لَا يحمل عَلَيْهَا مَا لَا تُطِيقهُ، وَقيل: أَن يغيث بهَا الملهوف وَمن تجب معونته، وَقيل: لَا ينسى حق الله فِي ظُهُورهَا فيركب عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله، وَاسْتدلَّ بِهِ أَبُو حنيفَة على وجوب الزَّكَاة فِي الْخَيل السَّائِمَة، وَقد مر فِي كتاب الزَّكَاة.
قَوْله: ( فخراً) نصب على التَّعْلِيل، أَي: لأجل التفاخر.
قَوْله: ( ورياء) عطف عَلَيْهِ، أَي: لأجل الرِّيَاء، ليقال: إِنَّه يُربي خيل كَذَا وَكَذَا.
قَوْله: ( ونواء) ، عطف على مَا قبله أَيْضا أَي: وَلأَجل النواء، بِكَسْر النُّون وبالمد وَهِي المعاداة وَهِي: أَن يَنْوِي إِلَيْك وتنوي إِلَيْهِ.
أَي: ينْهض.
.
وَقَالَ الدَّاودِيّ: بِفَتْح النُّون وَالْقصر،.
وَقَالَ : كَذَا رُوِيَ وَالْمَعْرُوف الأول.
.
وَقَالَ ابْن قرقول: الْقصر وَفتح النُّون وهم، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ: قَالَ ابْن أبي الْحجَّاج عَن أبي المصعب: بَوَاء، بِالْبَاء الْمُوَحدَة.
قَوْله: ( عَن الْحمر) بِضَم الْحَاء وَالْمِيم: جمع حمَار.
قَوْله: ( الفاذة) ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، أَي: المنفردة القليلة النظير فِي مَعْنَاهَا.
.
وَقَالَ الْخطابِيّ: سُئِلَ عَن صَدَقَة الْحمر وَأَشَارَ إِلَى الْآيَة بِأَنَّهَا جَامِعَة لاشتمال اسْم الْخَيْر على أَنْوَاع الطَّاعَات، وَجعلهَا فاذة لخلوها عَن بَيَان مَا تحتهَا من تَفْصِيل أَنْوَاعهَا، وجمعت على انفرادها حكم الْحَسَنَات والسيئات المتناولة لكل خير ومعروف، وَمَعْنَاهُ: أَن من أحسن إِلَيْهَا أَو أَسَاءَ رَآهُ فِي الْآخِرَة.
وَقيل: إِنَّمَا قيل: إِنَّهَا فاذة إِذْ لَيْسَ مثلهَا آيَة أُخْرَى فِي قلَّة الْأَلْفَاظ وَكَثْرَة الْمعَانِي لِأَنَّهَا جَامِعَة بَين أَحْكَام كل الْخيرَات والشرور، وَكَيْفِيَّة دلَالَة الْآيَة على الْجَواب هِيَ أَن سُؤَالهمْ أَن الْحمار لَهُ حكم الْفرس أم لَا؟ فَأجَاب: بِأَنَّهُ إِن كَانَ لخير فَلَا بُد أَن يجزى جزاءه، وَيحصل لَهُ الْأجر وإلاَّ فبالعكس، وَإِنَّمَا لم يسْأَل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن البغال لقلتهَا عِنْدهم، أَو لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْحمار.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: حجَّة من يحْتَج أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يكن مُجْتَهدا، وَإِنَّمَا كَانَ يحكم بِالْوَحْي، ورد بِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يظْهر لَهُ أَو لم يُفَسر الله تَعَالَى من أَحْكَامهَا وَأَحْوَالهَا مَا قَالَه فِي الْخَيل وَغَيرهَا.
وَفِيه: إِشَارَة إِلَى التَّمَسُّك بِالْعُمُومِ، وَهُوَ تَنْبِيه للْأمة على الاستنباط وَالْقِيَاس، وَكَيف يفهم معنى التَّنْزِيل لِأَنَّهُ نبه بِمَا لم يذكر الله فِي كِتَابه، وَهِي: الْحمر، لما ذكر من عمل مِثْقَال ذرة خيرا يره، إِذْ كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا، وَهَذَا نفس الْقيَاس الَّذِي يُنكره من لَا تَحْصِيل لَهُ.
وَفِيه: الْحَث على اقتناء الْخَيل إِذا ربطها فِي سَبِيل الله، أَلا تَرى أَن أرواثها كَانَت حَسَنَات يَوْم الْقِيَامَة؟ وَفِيه: أَن الرِّيَاء مَذْمُوم، وَأَنه وزر، وَلَا يَنْفَعهُ الْعَمَل المشوب بِهِ يَوْم الْقِيَامَة.