1378 – وعن أَبي موسى — رضي الله عنه — ، قَالَ : قَالَ النبيُّ — صلى الله عليه وسلم — :
(( مَثَلُ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أصَابَ أرْضاً ؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ ، وَالعُشْبَ الكَثِيرَ ، وَكَانَ مِنْهَا أجَادِبُ أمْسَكَتِ المَاءَ ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ ؛ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كلأً ، فَذلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِينِ اللهِ ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأسَاً ، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ )) . متفقٌ عَلَيْهِ .
1378 – Передают со слов Абу Мусы, да будет доволен им Аллах, что пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал:
«Руководство и знание, с которыми Аллах послал меня (к людям), подобны выпавшему на землю обильному дождю. Часть этой земли была плодородной, она впитала в себя воду, и на ней выросло много всяких растений и травы. (Другая часть) её была плотной, она задержала (на себе) воду, и Аллах обратил её на пользу людям, которые стали употреблять эту воду для питья, поить ею скот и использовать её для орошения. (Дождь) выпал также и на другую часть земли, представлявшую собой равнину, которая не задержала воду и на которой ничего не выросло. (Эти части земли) подобны тем людям, которые постигли религию Аллаха, получили пользу от того, с чем послал меня Аллах, сами приобрели знание и передали его (другим), а также тем, кто не обратился к этому сам и не принял руководства Аллаха, с которым я был (направлен) к людям». (Аль-Бухари; Муслим)[1]
[1] См. хадис № 162.
شرح الحديث
التخريج : أخرجه البخاري (79) واللفظ له، ومسلم (2282)
النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضرِبُ لنا دائمًا أفضلَ وأسمى الأمثلة، وأبدَعَها، وأبلَغَها، وأوجزَها، الَّتي بها تصِلُ المعلومة، وترسَخُ في الأذهانِ.. فهنا يشبِّهُ لنا صلَّى الله عليه وسلَّم العِلمَ الشَّرعيَّ المستمدَّ مِن كتابِ الله تعالى وسنَّةِ نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم بالمطرِ الغزيرِ، الَّذي ينزِلُ على أنواعٍ مختلفةٍ من الأرض:
أوَّلها: الأرضُ الخِصبةُ النَّقيَّةُ، أي النقيَّةُ مِن الحشراتِ والدِّيدان الَّتي تفتِكُ بالزَّرع، فهذه تقبَلُ الماءَ، أي: تشرَب مياهَ الأمطارِ، فتُنبِت النَّباتَ الكثيرَ رطبًا ويابسًا، ومَثَلُها مَثَلُ العالِمِ المُتفقِّهِ في دِين الله، العاملِ بعِلمه، المُعلِّم لغيرِه.
وثانيها: الأرضُ المُجدِبة، المُمسِكةُ للماء، أي: الأرضُ الصُّلبةُ المُجدِبةُ، الَّتي لا تُنبِت زرعًا، فكانت بمثابةِ خزَّاناتٍ ضخمةً، تحفَظ الماءَ، وتمدُّ به غيرَها، فينتفِعُ بها النَّاس، فيشرَبون ويسقُون مواشيَهم، ويزرَعون الأراضيَ الخِصبةَ بمائها، فهي وإنْ لم تنتفِعْ بالغيثِ في نفسِها، فإنَّها نفعَتْ غيرَها، مِن الإنسانِ، والحيوانِ، والأراضي الأخرى، ومَثَلُها مَثَلُ العالم الَّذي يعلِّمُ غيرَه، ولا يعمَلُ بعلمِه؛ فهو كالشَّمعةِ تُضيء لغيرِها، وتُحرِقُ نفسَها.
وثالثها: الأرضُ السِّباخُ، الَّتي لا تُنبِت زرعًا، ولا تُمسِكُ ماءً، فهي لم تنتفِعْ بذلك المطرِ في نفسِها، ولم تنفَعْ غيرَها به؛ لاستواءِ سطحِها وعدمِ إنباتها؛ فهي شرُّ أقسامِ الأرضِ وأخبثُها، ومَثَلُها مَثَلُ المسلمِ الجاهل، أو المسلم العالم الَّذي لم يعمَلْ بعلمِه، ولم يعلِّمْه غيرَه، وهو المقصودُ بقولِه: «مَن لم يرفَعْ بذلك رأسًا»، أو الكافر الَّذي لم يدخُلْ في الدِّينِ أصلًا، وهو المقصودُ بقوله: «ولم يقبَلْ هدَى اللهِ».
في الحديثِ: أنَّ النَّاسَ إزاءَ هذا العلمِ الشَّرعيِّ والاستفادةِ منه على أربعةِ أقسامٍ: عالمٌ عاملٌ معلِّمٌ لغيره، وهو أشرفُ الأقسامِ، ومِن ورَثةِ الأنبياء، وعالمٌ يعلِّمُ غيرَه ولا يعمَلُ بعلمِه، فهذا ينفَعُ النَّاسَ ولا ينفَعُ نفسَه، ويكونُ علمُه حجَّةً عليه، ومسلمٌ جاهلٌ أو عالمٌ لا يعلِّمُ غيره، ولا يعمَلُ بعلمِه، هذا شرٌّ ممَّن سبق، وكافرٌ لم يدخُلْ في هذا الدِّين أصلًا، فهذا هو أخبَثُ الأقسامِ وشرُّها وأشقاها.
وفيه: فضلُ مَن علِم وعمِل وعلَّم؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم شبَّهه بخيرِ أجزاءِ الأرض وأشرفِها وأزكاها، وهي «الأرضُ النَّقيَّة».
وفيه: ضربُ الأمثال.
وفيه: ذمُّ الإعراضِ عن العِلم.