23 ( صحيح )
أَبى الله أنْ يَجْعَلَ لِقَاتِلِ المُؤمِنِ تَوْبَةً
( طب الضياء فى المختارة ) عن أنس .
«Аллах отказался от того, чтобы сделать (принять) для убийцы верующего покаяние». Этот хадис передали ат-Табарани в «Му’джам аль-Кабир» и ад-Дыяъ аль-Макъдиси в «аль-Мухтара» (2164) со слов Анаса ибн Малика, да будет доволен им Аллах.
Шейх аль-Албани назвал хадис достоверным. См. «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (23), «ас-Сильсиля ас-сахиха» (689).
الدِّماءُ هي أوَّلُ ما يُقضَى فيه يومَ القِيامَةِ بين الخَلائِقِ، وقد عظَّمَتِ الشَّريعةُ مِن شأنِها وتَوَعَّدَ اللهُ سُبْحانهُ وتَعالى قاتِلَ المؤمِنِ بِأشدِّ العَذابِ. كما في هذا الحديثِ الذي يَرْويهِ أنسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه، وله سبَبٌ -كما في رِوايةِ عُقبةَ بنِ مالِكٍ لهذا الحديثِ- وهو أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ سَرِيَّةً»، أي: جَماعَةً مِنَ المُحارِبينَ «فَأَغَارُوا على قَوْمٍ»، أي: هَجَموا عليهم «فَشَدَّ رَجُلٌ مِنْهُم»، أي: جَرَى وهَرَبَ «فأَتْبَعَهُ رَجُلٌ منَ السَّرِيَّةِ شاهِرًا سَيْفَهُ»، أي: يَرْفَعُهُ «فَقَالَ»، أي: قال الرَّجُلُ الهارِبُ: «إِنِّي مُسلِمٌ، فَقَتَلَهُ؛ فَنُمِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالَ قوْلًا شديدًا ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَبَى اللهُ»، «أنْ يَجْعلَ لِقاتِلِ المُؤمِنِ تَوْبَةً»، أي: ليس لمَنْ قَتَلَ مُؤمِنًا مُتعمِّدًا تَوْبَةٌ، ومَعْناهُ: أنَّ المُؤمِنَ في أيِّ ذنبٍ وقَعَ، كانَ له في الدِّينِ والشَّرعِ مَخْرَجٌ إلَّا قَتْلَ النَّفْسِ التي حَرَّمَ اللهُ قَتْلَها، فإنَّه إذا ارتكَبَهُ يُضيِّقُ على نفْسِهِ في دِينِهِ؛ وذلك لِأنَّه أوْقَعَ نفْسَهُ في العَمَلِ الَّذي توَعَّد عليه اللهُ سُبْحانهُ وتَعالى بأشَدِّ العَذابِ، فقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
قيل: إنَّ هذا في حَقِّهِ من بابِ التَّغْليظِ والتَّشْديدِ في أَمْرِ قَتْلِ المُؤْمِنينَ، والذي عليه أهْلُ السُّنَّةِ أنَّ للقاتِلِ تَوْبَةً، وأنَّه تحت المشيئةِ الإِلَهِيَّةِ؛ لأنَّ التَّوْبَةَ تَمْحو أَثَرَ الشِّرْكِ والسِّحْرِ وما هو أعْظَمُ إثمًا مِنَ القَتْلِ؛ فكيف تَقْصُرُ عن مَحْوِ أَثَرِ القَتْلِ، وهذا مِصْداقٌ لقَوْلِهِ تَعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، فجَعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ الشِّرْكَ هو الذَّنْبُ الذي لا يُغْفَرُ، وما دُون ذلك يَغْفِرُهُ اللهُ عزَّ وجلَّ إذا قَبِلَ تَوْبَةَ عبْدِهِ، وقد قَبِلَ اللهُ تَوْبَةَ الكُفارِ الذين قَتَلوا أوْلِياءَهُ، وجَعَلَهُم من خِيارِ عِبادِهِ، وقيل: إنَّ القَتْلَ يتعلَّقُ به ثَلاثةُ حُقوقٍ: حقٌّ للهِ، وحَقٌّ للمَقْتولِ، وحَقٌّ للولِيِّ، فإذا سَلَّمَ القاتِلُ نفْسَه طَوْعًا واختيارًا إلى الولِيِّ، ونَدَمًا على ما فَعَلَ، وخَوْفًا منَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وتَوْبَةً نَصوحًا، سَقَطَ حقُّ اللهِ بالتَّوْبَةِ، وحَقُّ الولِيِّ بالاسْتيفاءِ أو العَفْوِ، وبَقِيَ حقُّ المَقْتولِ يُعوِّضَهُ اللهُ سُبْحانهُ يَوْمَ القِيامَةِ، عن عبْدِه التائِبِ المُحْسِنِ، ويُصلِحُ بينَه وبينَه، ولا يُذهِبُ ولا يُبطِلُ حَقَّ هذا ولا يَذْهَبُ دَمُه هَدَرًا، وقد يُؤخَذُ مِن حَسَناتِ القاتِلِ حينما يَجتمِعُ بقاتلِه يَومَ القِيامةِ، ويأتي ورأسُه في يَدِه، ويقول: يا رَبِّ سَلْ هذا فيمَ قَتَلني، أو يَتحمَّلُ اللهُ تعالى بفَضْلِه عنه إذا عَلِمَ صِدقَ تَوبةِ هذا القاتِلِ .