1380 – وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ — صلى الله عليه وسلم — ، قَالَ :
(( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ )) . رواه البخاري .
1380 – Передают со слов ‘Абдуллаха бин ‘Амра бин аль-‘Аса, да будет доволен Аллах ими обоими, что пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал:
«Передавайте (людям то, что вы услышите) от меня, даже если (речь будет идти только) об (одном) аяте, и передавайте то, что говорили израильтяне[1] (, ибо) нет в этом греха, а тот, кто намеренно возведёт на меня ложь, пусть (приготовится) занять своё место в огне».
Этот хадис передал аль-Бухари (3461).
[1] Имеются в виду правдивые слова и всё, что не внушает подозрений в лживости сообщения.
شرح الحديث
حثَّتِ الشريعةُ المُطهَّرةُ على تَبليغِ ما جاءَ به الرسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم، كلٌّ بحَسَبِ استِطاعتِه وعِلمِه، لكنْ مع الحَذرِ مِن الكَذبِ؛ إذ الكذبُ على رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم من الذُّنوبِ العَظيمةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «بَلِّغوا عنِّي ولو آيةً»، أي: أخبِروا الناسَ وعَلِّموهم بكلِّ ما جاءَ عنِّي وبَلَّغتُكم به، مِن قُرآنٍ أو سُنَّةٍ، واقتُصِرَ هنا على الآيةِ؛ ليُسارِعَ كلُّ سامعٍ إلى تبليغِ ما وَقَع له مِن الآياتِ والعِلمِ، ولو كان قَليلًا ولو آيةً واحدةً؛ ليتَّصلَ بذلك نقْلُ جميعِ ما جاء به عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، بشَرْطِ أنْ يُبلِّغَ الآيةَ صحيحةً على وَجهِها. ولعلَّه لم يقُل: حديثًا؛ لأنَّ الأمرَ بتبليغِ الحديثِ يُفهَمُ مِن هذا بطريقِ الأَوْلَوِيَّةِ؛ فإنَّ الآياتِ- مع انتِشارِها، وكثرةِ حمَلتِها، وتَكفُّلِ اللهِ سُبحانَه وتعالى بحِفظِها وصَونِها عن الضَّياعِ والتحريفِ- واجبةُ التبليغِ؛ فالحديثُ- ولا شيءَ فيه ممَّا ذُكِرَ- أَوْلَى بأنْ يُحدَّثَ عنه ويُبلَّغَ به.
«وحَدِّثوا عن بَني إسرائيلَ»، أي: وأخْبِروا بما حَدَّثكم به بنو إسرائيلَ، واسْمَعوا لِمَا يُحدِّثونكم به، ممَّا لا يَتعارَضُ مع الشَّرعِ، وبِما لا تَعلمون كَذِبَه، «ولا حَرَجَ»، أي: لا يقعُ عليكم شيءٌ مِن الإثمِ والذَّنبِ في الحديثِ عنهم. وليس المقصودُ من قوله: «لا حَرَجَ» إباحةَ الكذبِ في أخبارِهم، ورفْعَ الإثمِ عن نقْلِ الكذبِ عنهم، بل هذا ترخيصٌ في الحديثِ عنهم على البَلاغِ وإنْ لم يَتحقَّقْ ذلك بنَقْلِ الإسنادِ؛ لتَعذُّرِه بطُولِ المُدَّةِ، بخِلافِ أحكامِ شريعةِ الإسلامِ؛ فإنَّ الأصلَ فيها التحديثُ بالاتِّصالِ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «ومَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا»، أي: مَن قصَدَ الكذِبَ على رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وتَعمَّد ذلك، لا مَن أخطأَ، «فلْيَتبوَّأْ مَقْعدَه مِن النَّارِ»، أي: فلْيَتهيَّأْ ولْيَستعدَّ إلى دُخولِه النارَ وإلى مَقعدِه الذي فيها، الذي قدْ أوجبَه هو على نفْسِه بكَذِبِه على رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَعمَّد الكَذِبَ عليه، وهذا وعيدٌ شديدٌ دالٌّ على كِبَرِ هذه المعصيةِ. وخَصَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الكذبَ عليه بالتحذيرِ- وإنْ كان الكذبُ كلُّه حرامًا-؛ لأنَّ كلامَه صلَّى الله عليه وسلَّم تشريعٌ، وكلامَ غيرِه ليس كذلك؛ فالكَذِبُ على الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم أعظمُ مَضرَّةً، وأعظمُ إثمًا.
وفي الحديث: الأمرُ بتَبليغِ الشَّريعةِ ولو بشَيءٍ قليلٍ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الإخبارِ عن بَني إسرائيلَ.
وفيه: التَّرهيبُ والتحذيرُ مِن الكذبِ على رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.