1479 – وعن زيد بن أرقم — رضي الله عنه — ، قَالَ :
كَانَ رسُولُ الله — صلى الله عليه وسلم — ، يقول : (( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ ، والبُخْلِ والهَرَمِ ، وَعَذابِ القَبْرِ ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ؛ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ ؛ وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا )) . رواه مسلم .
1479 – Сообщается, что Зайд бин Аркам, да будет доволен им Аллах, сказал:
«Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, часто говорил: “О Аллах, поистине, я прибегаю к Твоей защите от слабости, и нерадения, и скупости, и старческой дряхлости и мучений могилы! О Аллах, даруй душе моей благочестие и очисти её, (ведь) Ты — лучший из очищающих её,[1] Ты – её Покровитель и Владыка! О Аллах, поистине, я прибегаю к Твоей защите от бесполезного знания, и от сердца, не проявляющего смирения, и от души, которая не (может) насытиться, и от мольбы, которой не внемлют!” /Аллахумма, инни а’узу би-кя мин аль-‘аджзи, ва-ль-кясали, ва-ль-бухли, ва-ль-харами ва ‘азаби-ль-кабри! Аллахумма, ати нафси таква-ха, ва закки-ха, Анта хайрун ман заккя-ха, Анта Валийу-ха ва Мауля-ха! Аллахумма, инни а’узу би-кя мин ‘ильмин ля йанфа’у, ва мин кальбин ля йахша’у, ва мин нафсин ля ташба’у ва мин да’ватин ля йустаджабу ля-ха!/» Этот хадис передал Муслим (2722).
[1] Имеется в виду, что в полном смысле слова никто, кроме Аллаха, душу очистить не может.
شرح الحديث
هذا حَديثٌ عَظيمٌ مِن أَعْمدةِ الدَّعواتِ النَّبويَّةِ؛ فقَدْ جَمَعَ فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التَّعوُّذَ من أُصولِ الخِصالِ المُثَبِّطَةِ عنِ العَمَلِ، وسَأَلَ فيه أُصولَ الخِصالِ المُحَفِّزةِ للعَمَلِ.
فاستِعاذَتُه منَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ لِمَا فيهم مِنَ التَّقصيرِ عنْ أَداءِ الواجِباتِ والقيامِ بِحُقوقِ اللهِ سُبْحانَه وتَعالَى وإزالَةِ المُنْكَرِ؛ ولأنَّه بِشَجاعةِ النَّفْسِ وقُوَّتِها المعتدِلَةِ تَتِمُّ العِباداتُ ويَقومُ بنَصْرِ المَظْلُومِ، وبالسَّلامَةِ مِنَ البُخْلِ يَقومُ بِحُقوقِ المالِ ويَنْبَعِثُ للإنْفاقِ والجُودِ ولِمَكارمِ الأَخْلاقِ وَيَمْتَنِعُ مِنَ الطَّمَعِ فيما لَيسَ لَه، واستِعاذَتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن هذه الأشياءِ لِتَكْمُلَ صِفاتُه في كُلِّ أحوالِه وشَرْعِه أيضًا لتَعليمِ أُمَّتِه.
وأَمَّا الهَرَمُ فهُوَ كِبَرُ السِّنِّ الَّذي يُؤَدِّي إلى تَساقُطِ القُوَى، وإِنَّما استَعاذَ مِنه لِكونِه مِنَ الأدواءِ الَّتي لا دَواءَ لَها.
ثُمَّ استَعاذَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من عَذابِ القَبْرِ وهُوَ أَوَّلُ مَنازلِ الآخِرَةِ.
وبَعدَ أنِ استَعاذَ بِما يَضُرُّ النَّفْسَ سَألَ اللهَ ما يُصلِحُ تِلك النَّفسَ، فَقالَ: (اللَّهمَّ آتِ نَفْسِي تَقواها)، يَعني: تُيَسِّرُها لفِعْلِ ما يَقيها العَذابَ، (وزَكِّها)، يَعني: بطاعَةِ اللهِ، وطَهِّرْها مِن الرَّذائلِ والأَخْلاقِ الدَّنيئَةِ، كقَوْلِه تَعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]، فَهُوَ مُطابقٌ للدُّعاءِ؛ فإنَّ المرادَ مَن زَكَّى اللهُ نَفْسَه، فالآيَةُ إخبارٌ بأنَّ المُفلِحَ مَن زَكَّى اللهُ نَفْسَه، وهذا الحديثُ سُؤالٌ أنْ يُزَكِّيَ اللهُ نَفْسَ الدَّاعي.
وقَولُهُ: (أَنتَ وَلِيُّها) يَعني: سُلْطانُها والمُتَصَرِّفُ فيها، (وَمولاها) مالِكُ أَمْرِها.
ثُمَّ استَعاذَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن عِلمٍ لا يَكونُ نافعًا في نَفْسِه كَعِلْمِ النُّجومِ والكَهانَةِ وكُلِّ ما لا يَنْفَعُ في الآخِرَةِ، أو يَكونُ نافعًا لكن لا يَنتَفِعُ به صاحِبُه، واستَعاذَ أيضًا منَ القَلْبِ الَّذي لا يَخْشَعُ؛ لأنَّه يَكونُ قاسيًا لا تُؤَثِّرُ فيه مَوعظَةٌ ولا نَصيحةٌ، ولا يَرْغَبُ في مُرغَّبٍ فيه، ولا يَرْهَبُ من مُرهَّب مِنه.
واستَعاذَ مِنَ النَّفسِ الَّتي لا تَشْبَعُ لأنَّها تَكونُ مُتكالِبَةً على الحُطامِ مُتَجَرِّئَةً على المالِ الحَرامِ غَيرَ قانِعَةٍ بِما يَكفيها مِنَ الرِّزقِ، فلا تَزالُ في تَعَبِ الدُّنيا وعُقوبَةٍ في الآخِرَةِ، واستَعاذَ منَ الدَّعوةِ الَّتي لا يُستَجابُ لها؛ لأنَّ الرَّبَّ سُبحانَه هُو الَّذي يُعطي ويَمنَعُ، القابضُ الباسطُ، فإذا تَوجَّهَ العَبْدُ إليه في دُعائِه ولم يَستَجِبْ دَعوتَه فَقدْ خابَ الدَّاعي وخَسِرَ؛ لأنَّه طُرِدَ منَ البابِ الَّذي لا يُستَجْلَبُ الخيرُ إلَّا منه، ولا يُستَدْفَعُ الضُّرُّ إلَّا به.
وفي الحديث: الحثُّ على الدُّعاءِ والاستعاذةِ مِن كلِّ الأشياءِ المذكورةِ وما في مَعناها، وأنَّه ليس في هذا نَقصٌ في الإيمانِ والتَّسليمِ بالقضاءِ والقَدَرِ .