1424 – وعن عليٍّ — رضي الله عنه — ، قَالَ :
كَانَ رَسُولُ الله — صلى الله عليه وسلم — ، إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ :
(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ ، وَمَا أسْرَفْتُ ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، أنْتَ الْمُقَدِّمُ ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ ، لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ )) . رواه مسلم .
1424 – Сообщается, что ‘Али, да будет доволен им Аллах, сказал:
«Когда посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, становился на молитву, в конце её между ташаххудом и таслимом он среди прочего часто говорил: “О Аллах, прости мне то, что я совершил прежде и что отложил,[1] что делал тайно и явно, то, в чём я преступил границы, и то, о чём Ты знаешь лучше меня! Ты – Выдвигающий вперёд и Ты – Отодвигающий, нет бога, кроме Тебя!” /Аллахумма, – гфир ли ма каддамту, ва ма аххарту, ва ма асрарту, ва ма а’лянту, ва ма асрафту ва ма Анта а’ляму би-хи минни! Анта-ль-Мукаддиму ва Анта-ль-Муаххыру, ля иляха илля Анта!/» Этот хадис передал Муслим (771).
[1] Иначе говоря, то, чего я ещё не совершил.
شرح الحديث
يَحكي عليُّ بنُ أبي طالب رضِي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا قام إلى الصَّلاةِ المكتوبةِ أو النَّافلة، قال: وجَّهتُ وجهي، أي: توجَّهتُ بالعبادةِ، بمعنى أخلَصْتُ عِبادتي للهِ، للَّذي فطَر السَّمواتِ والأرضَ، أي: ابتدَأ خَلْقَهما مِن غيرِ مثالٍ سبَق، «حنيفًا» والحنيفُ عند العربِ مَن كان على دِينِ إبراهيمَ عليه السَّلام، وما أنا مِن المُشركين، والمُشرِكُ يُطلَقُ على كلِّ كافرٍ؛ مِن عابدِ وثنٍ وصنَم، ويهوديٍّ ونصرانيٍّ ومجوسيٍّ وغيرِهم، إنَّ صلاتي «ونُسُكي»: النُّسُكُ هو العبادةُ، والنَّسيكةُ كلُّ ما يُتقرَّبُ به إلى الله تعالى، وتطلَقُ على الذَّبيحةِ الَّتي يُتقرَّبُ بها لله تعالى، ومَحْيايَ ومماتي، أي: حياتي ومماتي للهِ، أي: هو خالقُهما ومُقدِّرُهما، أو هو المالكُ لهما، والمُختصُّ بهما، لا تصرُّفَ لغيرِه فيهما، وقيل: طاعاتُ الحياةِ والخيراتُ المضافةُ إلى المماتِ كالوصيَّة والتَّدبيرِ، أو ما أنا عليه مِن العبادةِ في حياتي وما أموتُ عليه خالصةً لوجهِ الله، ربِّ العالَمين، أي: مالكِهم ومُربِّيهم، لا شريكَ له، وبذلك أُمِرْتُ، أي: بالتَّوحيدِ الكاملِ الشَّاملِ للإخلاصِ قولًا واعتقادًا، وأنا مِن المُسلِمين، اللَّهمَّ، أي: يا أللهُ، أنتَ الملِكُ، أي: المالكُ الحقيقيُّ لجميعِ المخلوقاتِ، وأنا عبدُك، أي: معترفٌ بأنَّك مالكي ومُدبِّري، وحُكمُك نافذٌ فيَّ، ظلمتُ نفسي، أي: اعترفتُ بالتَّقصيرِ، فاغفِرْ لي ذُنوبي، أي: تقصيري، إنَّه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت، واهدِني لأحسنِ الأخلاقِ، أي: أرشِدْني لأكمَلِها وأفضلِها، ووفِّقْني للتَّخلُّقِ بها، وثبِّتْني عليها، واصرِفْ عنِّي سيِّئَها، أي: قبيحَها، لا يصرِفُ عنِّي سيِّئَها إلَّا أنتَ، لبَّيْكَ، أي: أُقيمُ على طاعتِك وامتثالِ أمرِك إقامةً متكرِّرةً، وسعدَيْكَ، أي: مُساعدةً لأمرِك بعد مساعدةٍ، ومتابعةً لدِينِك بعد متابعةٍ، والخيرُ كلُّه في يديك، معناه: الإقرارُ بأنَّ كلَّ خيرٍ واصلٍ إلى العبادِ ومَرْجُوٍّ وصولُه، فهو في يديه تعالى، والشَّرُّ ليس إليك، أي: لا يُنسَبُ الشَّرُّ إليك، أنا بِكَ وإليك، أى: تَوْفِيقي بك والتِجائي وانتمائي إليك، أو وجودي بإيجادِك، ورُجوعي إليك، أو بكَ أعتمِدُ، وإليك ألتجئُ، تبارَكْتَ وتعالَيْتَ، هذا ثناءٌ على اللهِ عزَّ وجلَّ بأمرينِ: أحدهما التَّبارُكُ، والتَّاءُ للمبالغةِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ هو أهلُ البركةِ، «تبارَكْتَ»، أي: كثُرَتْ خيراتُك، وعمَّتْ ووسِعَتِ الخَلْقَ؛ لأنَّ البركةَ هي الخيرُ الكثيرُ الدَّائمُ، وتعالَيْتَ، أي: مِن العُلوِّ الذَّاتيِّ والوصفيِّ؛ فاللهُ سبحانه وتعالى عَلِيٌّ بذاتِه، وعَلِيٌّ بصِفاته، عليٌّ بذاتِه فوق جميعِ الخَلْقِ، وعُلوُّه سبحانه وتعالى وصفٌ ذاتيٌّ أزليٌّ أبديٌّ، لك ركَعْتُ، وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، أي: لك ذلَلْتُ وانقَدْتُ، أو لك أخلَصْتُ وَجْهي، خشَع، أي: خضَع وتواضَع لك سَمْعي وبصَري، خصَّهما مِن بين الحواسِّ؛ لأنَّ أكثرَ الآفاتِ بهما، فإذا خشَعَتا، قلَّتِ الوساوسُ، ومُخِّي وعَظْمي وعَصَبي، العَصَبُ بفَتْحتينِ هو أطنابُ الجَسدِ، وهو عَصَبُه الَّتِي تَتَّصِل بِها المَفَاصِلُ والعِظَامُ وتَشُدُّها، وهو ألطفُ مِن العَظْم، فإذا رفَع رأسَه مِن الرُّكوعِ قال بعد قولِه: سمِع اللهُ لِمَن حَمِده: اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمدُ مِلْءَ السَّمواتِ، ومِلْءَ ما شِئْتَ من شيءٍ بعدُ، أي: ومِلْءَ غيرِ السَّمواتِ والأرضِ ممَّا شِئْتَ، ممَّا لا علمَ للعبادِ به، وإذا سجَد قال: اللَّهمَّ لك سجَدْتُ وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، سجَد وجهي للَّذي خلَقه، أي: خضَع له وذلَّ وانقاد، وصوَّرَه وشقَّ سَمْعَه وبصَره، تبارَك اللهُ أحسنُ الخالقينَ، أي: المُصوِّرين والمُقدِّرين، ثمَّ يكونُ، أي: بعد فراغِه مِن ركوعِه وسجودِه، مِن آخرِ ما يقولُ بين التَّشهُّد والتَّسليم: اللَّهمَّ اغفِرْ لي ما قدَّمتُ، أي: مِن سيِّئةٍ، وما أخَّرتُ، أي: مِن عملٍ، وما أسرَرْتُ، وما أعلَنْتُ، أي جميعَ الذُّنوبِ؛ لأنَّها إمَّا سرٌّ أو علَنٌ، وما أسرَفْتُ، أي: جاوَزْتُ الحدَّ، وما أنت أعلمُ به منِّي، أي: مِن ذُنوبي الَّتي لا أعلَمُها، عددًا وحُكمًا، أنتَ المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ، فلا مُقدِّمَ لِمَا أخَّرتَ، ولا مُؤخِّرَ لِمَا قدَّمتَ.
في الحديثِ: أنَّ مِن هديِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دُعاءَ الاستفتتاحِ.
وفيه: الإرشادُ إلى الأدبِ في الثَّناءِ على اللهِ تعالى ومدحِه، بأن يُضافَ إليه محاسنُ الأمورِ دون مساوئِها على جهةِ الأدبِ.
في قوله: «ظَلمتُ نفسي واعترَفْتُ بذنبي فاغفِرْ لي ذنوبي جميعًا؛ إنَّه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت» فيه: اعترافٌ بالتَّقصيرِ، وقدَّمه على طلبِ المغفرةِ تأدُّبًا، كما قال آدمُ وحوَّاءُ عليهما السَّلام: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].