1768 ( صحيح )
إنّ اللَّهَ رَحِيمٌ حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحي مِنْ عَبْدِهِ أنْ يَرْفَعَ إليْهِ يَدَيْهِ ثمَّ لا يَضَعُ فيهِما خَيْراً
( ك ) عن أنس .
1768 — Сообщается, что Анас ибн Малик, да будет доволен им Аллах, сказал:
«Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: “Поистине, Аллах Всевышний милосердный, стеснительный, щедрый. Он стесняется Своего раба, чтобы тот протянул к Нему свои руки (обращаясь с мольбой), а потом не вложить в них благо”». Этот хадис передал аль-Хаким (1/498).
Шейх аль-Албани назвал хадис достоверным. См. «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (1768), «Сахих ат-Таргъиб ва-т-тархиб» (1636).
شرح الحديث
فَضلُ اللهِ عزَّ وجلَّ على عِبادِه كثيرٌ، وهو حَييٌّ كريمٌ وبَرٌّ رحيمٌ سُبحانَه، ومِن كرمِه ألا يَرُدَّ دُعاءَ عَبدِه، وخاصَّةً إذا كان الدُّعاءُ بخُشوعٍ وخُضوعٍ، واشتمَل على التَّوسُّلِ إلى اهِ تبارَك وتعالى، والسُّؤالِ بأسمائِه الحسنى الجليلةِ الدَّالَّةِ على كمالِ صفاتِه العظيمةِ، وبيَّن أنَّ اللهَ يَقبَلُ دعوةَ عِبادِه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ سَلْمانُ الفارِسيُّ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: «إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كَريمٌ يَسْتحيي مِن عَبدِه أن يَرفَعَ إليه يدَيهِ»، أي: بالدُّعاءِ، «فيَرُدَّهما صِفْرًا»، أي: فارِغَتَينِ مِن قَبولِ الإجابةِ، «أو قال خائِبَتَين»، لا تَنالُ ما دعَتْ به. وقوله: «حَييٌّ» فيه تَسميتُه سُبحانَه بهذا الاسمِ، ووصفُه جَلَّ وعلا بمُقتضاه، وهو ثابتٌ على وَجْهٍ لا نَقْصَ فيه؛ بل على الوجهِ اللَّائقِ مِن غيرِ تكييفٍ ولا تعطيلٍ، ولا تحريفٍ ولا تمثيلٍ، ولا يَجوزُ تأويلُهما بغيرِ مَعْناهما الظَّاهرِ مِن لَوازِمِهما وغيرِ ذلك؛ فوصْفُ اللهِ سُبحانَه بالحياءِ والاستحياءِ من الصِّفاتِ الخبريَّةِ التي ورَدَتْ في القرآنِ والسُّنَّةِ كما في هذا الحديث، وفي قولِه تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَة فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]، وقال تعالى: {وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]، وحَياؤُه تعالى على الوصْفِ الذي يَليقُ بكَمالِه وجلالِه؛ فليس كحَياءِ المخلوقِين، الَّذي هو تَغيُّرٌ وانكِسارٌ يَعتَري الشَّخصَ عندَ خوفِ ما يُعابُ أو يُذَمُّ، بل هو تَرْكُ ما لا يتَناسَبُ مع سَعةِ رحمتِه وكمالِ جُودِه وكَرمِه وعَظيمِ عَفْوِه وحِلْمِه؛ فالعبدُ يُجاهِرُه بالمعصيةِ مع أنَّه أفقَرُ شيءٍ إليه وأضعَفُه لدَيْه، ويَستَعينُ بنِعَمِه على مَعصيَتِه، ولكنَّ الرَّبَّ سبحانه معَ كَمالِ غِناهُ وتَمامِ قُدرتِه عليه يَسْتَحي مِن هتْكِ سَتْرِه وفَضيحتِه، فيَستُرُه بما يُهيِّؤُه له مِن أسبابِ السَّترِ، ثمَّ بعدَ ذلك يَعْفو عنه ويَغفِرُ. والكريمُ هو المتحقِّقُ بأوصافِ الكرَمِ والتَّفضُّلِ، الَّذي يتَرفَّعُ عن صِفةِ الحِرْمانِ لِمَن سأَله، فإذا رَفَع إليه العبدُ يدَيْه سائلًا مِنه فإنَّه يتَكرَّمُ عن أن يَحرِمَه، ويتَعالى عن أن يَرُدَّه، وإن كان العبدُ لا يَستوجِبُ العطاءَ، ولا يَستأهِلُ العفوَ؛ فهو تعالى يتَفضَّلُ عليه؛ لأنَّه جلَّ وعزَّ لا يَرْضى حِرْمانَ عبْدِه وقد مَدَّ إليه يدَه سائِلًا منه مُفتقِرًا إليه مُتعرِّضًا لفَضلِه، وهو جلَّ وعزَّ يُجِلُّ قدْرَ عبدِه المؤمنِ أن يَرُدَّ يدَيْه صِفْرًا خائِبَتَين وقد رفَعَهما إليه.
وفي الحديثِ: بيانُ سَعةِ كَرمِ اللهِ ورَحمتِه بعبادِه.
وفيه: الحثُّ والتَّرغيبُ في الدُّعاءِ للهِ ورَفْعِ اليدَينِ فيه.
وفيه: إثباتُ صفةِ الحَياءِ والكرَمِ للهِ سبحانَه وتعالى.