490 ( صحيح )
إذا حُضِرَ المُؤمِنُ أتَتْهُ ملائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحرِيرَةٍ بَيْضاءَ فَيَقُولُونَ اخْرُجي رَاضِيَةً مَرْضيّاً عَنْكِ إلى رُوْحٍ وَرَيْحانٍ وَرَبَ غَيْرِ غَضْبانَ فَيَخْرُجُ كأَطْيَبِ رِيحِ المِسْكِ حَتَّى إنَّهُ لَيُناوِلُهُ بَعْضهُمْ بَعْضاً حَتَّى يَأتُوا بِهِ بابَ السَّماءِ فَيَقُولُونَ ما أطْيَبَ هذا الرِّيحَ الَّتِي جاءَتْكُمْ مِنَ الأرْضِ فَيَأتُونَ بِهِ أرْواحَ المُؤمِنِينَ فَلَهُمْ أشَدُّ فَرَحاً به مِنْ أحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدُمُ عَلَيْهِ فَيَسْألُونَهُ ماذَا فَعَلَ فلان ماذا فَعَل فُلاَنٌ فَيَقُولُونَ دَعُوهُ فإِنَّهُ كانَ في غَمِّ الدُّنْيا فإِذا قالَ أما أتاكُمْ قَالُوا ذُهِبَ بِهِ إلى أمِّهِ الهاوِيَة وَإِنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ أتَتْهُ مَلائِكَةُ العَذابِ بِمَسْحٍ فَيَقُولُونَ اخْرُجِي ساخِطَةً مسْخُوطاً عَلَيْكِ إلى عَذابِ الله فَيَخْرُجُ كأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأتُوا بِها باب الأَرْضِ فَيَقُولُونَ ما أنْتَنَ هذِهِ الرِّيحَ حَتَّى يَأتُوا بِها أرْواحَ الكُفَّارِ
( ن ك ) عن أبي هريرة .
490 — Сообщается, что Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал:
«Когда верующий умирает, ангелы милосердия приходят к нему с белым шелком и говорят: “Выходи (душа) удовлетворенной, навстречу милости и благосклонности Аллаха, Который не гневается!” И (душа верующего) выходит, благоухая как лучший аромат мускуса, а они передают ее от одного к другому, пока не достигают с ней врат небесных, где они говорят: “Как прекрасен этот запах, который прибыл к вам с земли!” И тогда к нему приходят души верующих, а они радуются ему больше, чем любой из вас радуется, когда к вам возвращается тот, кто долго отсутствовал. Они подходят к нему и спрашивают его: “Что делал такой-то? Что делал такой-то?” Другие говорят: “Оставьте его. Он перенес тяготы на земле”. Когда он спрашивает: “Разве он не прибыл к вам?” Они говорят: “Его забрали в Пропасть (Ада)”. Когда умирает неверный/кафир/, к нему спускаются ангелы наказания, с грубой дерюгой и говорят: “Выходи (душа) угнетенной, навстречу гневу и наказанию Аллаха”. И (душа неверного) выходит, извергая самое скверное зловоние трупа, после чего ее приносят к вратам земли, где говорят: “Как же скверно это зловоние!” Затем её приносят к душам неверных». Этот хадис передали ан-Насаи (4/8) и аль-Хаким (1/352-353) со слов Абу Хурайры, да будет доволен им Аллах.
Шейх аль-Албани назвал хадис достоверным. См. «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (490), «Сильсиля ас-сахиха» (2758).
شرح الحديث
لا شكَّ أنَّ الدُّنيا دارُ فَناءٍ، وعِندَ الموتِ يَتلقَّى المؤمنُ البِشارةَ من اللهِ بالجنَّةِ، ويَجدُ الكافرُ ما تَوعَّده اللهُ بهِ منَ العَذابِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنَّ المؤمِنَ إذا احتُضِرَ»، أي: إذا قرُب موتُهُ، وحضرتْهُ الملائكةُ الموكَّلون بنزْعِ الروح،ِ «أتتْه ملائكةُ الرَّحمةِ بحريرةٍ بيضاءَ»، أي: ثوْبٍ ناعمٍ حريرٍ، لونُه أبيضُ كالكَفَنِ لتَلُفَّ فيها رُوحَه، وترفعَها إلى السماءِ، «فيقولون: اخْرُجي»، أي: من جَسَدِكِ الطَّيِّبِ، فارْجِعي إلى ربِّكِ «راضيةً مرضيًّا عنكِ»، أي: راضيةً عن اللهِ برحمتِه لك، وحُسنِ توفيقِهِ، وهو راضٍ عنكِ، بطاعتِكِ وحُسْنِ عَملِكِ، «إلى رَوْحٍ»، أي: اخرُجي إلى راحةٍ ورحمةٍ، «وريْحانٍ»، أي: رِزْقٍ أو رَيحانٍ مَشمومِ الرَّائحةِ طيِّبٍ، «ورَبٍّ غَيرِ غَضبانَ»، أي: وبمُلاقاةِ ربِّكِ، وهو راضٍ عنك؛ فيُنعِمُ عليكِ بالخُلودِ والرِّزقِ الحسَنِ، «فتخرجُ كأَطيبِ رِيحِ مِسكٍ»، أي: تخرجُ روحُ المؤمنِ لها رائحةُ المِسكِ الطيبةُ، «حتى إنَّهم لِيناوِلُه بعضُهم بعضًا يَشَمُّونه»، أي: إنَّ الملائكةَ يَصعَدون به مِن يَدٍ إلى يَدٍ ويُقبِّلونه ويَشَمُّون رائحتَه الطَّيِّبةَ؛ تكريمًا وتَعظيمًا وتبرُّكًا وتشريفًا، «حتى يأتوا به بابَ السَّماءِ، فيَقولون»، أي: بعضُ ملائكةِ السَّماءِ على جِهةِ التعجُّبِ من غايةِ عَظمةِ طِيبه، «ما أطيبَ هذه الرِّيحَ التي جاءتْكُم من الأرضِ؟»، أي: تتعجَّب ملائكةُ السماءِ التي يَمُرُّون بها من حُسنِ وجَمالِ هذه الرائحةِ التي تخرُجُ من نفْسِ المؤمنِ، «وكلَّما أتَوْا سماءً قالوا ذلك»، أي: قالتِ الملائكةُ هذا الثناءَ على رائحةِ المؤمنِ، «حتى يأتوا به أرواحَ المؤمنين»، أي: حتى تذهبَ به الملائكةُ إلى مَقرِّ أرواحِ المؤمنين في عِلِّيينَ، «فلَهُمْ أفْرحُ به من أحدِكُم بغائبِهِ إذا قَدِمَ عليه»، أي: تفرَحُ به أرواحُ المؤمنين أشدَّ ممَّا يفرحُ الواحدُ مِنَّا عندَما يعودُ له حبيبُهُ الغائِبُ عنه، «فيسألونه: ما فَعَل فُلانٌ؟»، أي: تسألُ بعضُ أرواحِ المؤمنين هذا المؤمِنَ عن بعضِ الناسِ الذين يَعرِفونهم، «قال: فيقولون: دَعوهُ حتى يَستريحَ؛ فإنه كان في غمِّ الدنيا»، أي: يقولُ بعضُهم لبعضٍ دَعوا القادِمَ؛ فإنَّه حديثُ عهدٍ بتَعبِ الدنيا، «فإذا قال لهم»، أي: الروحُ المؤمنةُ وهو يُجيبُ سؤالَهم «ما أتاكم؟ فإنَّه قد مات»، أي: هذا الشخصُ الذي تسألون عنه قد مات ألَمْ يأتِ عندَكم، «يقولون: ذُهِبَ به إلى أُمِّهِ الهاويةِ»، أي: تقولُ أرواحُ المؤمنين إذا مات، ولم يَلْحَقْ بنا، فقد ذُهِبَ به إلى النارِ، والهاويةُ من أسماءِ النارِ كأنَّها العَميقةُ يَهوِي أهلُ النار فيها مهوًى بعيدًا.
قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وأمَّا الكافِرُ»، أي: إذا احتُضِر، «فإنَّ مَلائكةَ العذابِ تأتيهِ فتقولُ: اخرُجي ساخطَةً مسخوطًا عليكِ إلى عذابِ اللهِ وسَخَطِه»، أي: اخرُجي كارهةً غيرَ راضيةٍ عن اللهِ، وهو غيرُ راضٍ عنكِ إلى العذابِ والجحيمِ، «فتخرجُ كأنتنِ ريحِ جيفةٍ»، أي: تخرجُ رائحتُها كأقبحِ رائحةِ حيوانٍ ميِّتٍ تعفَّن جَسدُه، «فينطلِقون به إلى بابِ الأرضِ» ويَحتمِلُ أن يكونَ المعنى إلى بابِ سماءِ الأرضِ ثم يُردَّ إلى قبرِه في الأرضِ كما عندَ ابن ماجهْ: «ثم يُعرجُ إلى السماءِ فيُفتحُ لها فيقالُ: مَن هذا؟ فيقالُ: فلانٌ. فيقالُ: لا مَرحبًا بالنفْسِ الخبيثةِ كانتْ في الجسدِ الخبيثِ! ارْجِعي ذميمةً، فإنَّها لا تُفتحُ لكِ أبوابُ السماءِ؛ فتُرْسلُ من السماءِ ثم تصيرُ إلى القبرِ»، فعُلِمَ أنَّ الكُفارَ لا تُفتحُ لهم أبوابُ السماءِ، وإنما يُهبَطُ بهم إلى سِجِّينٍ في أسفلِ الأرَضين، «فيقولون: ما أَنْتَنَ هذه الرِّيحَ! كلَّما أتوْا على أرضٍ قالوا ذلك»، أي: تقولُ مَلائكةُ الأرضِ التي تمُرُّ عليها أرواحُ الكُفارِ: ما أخْبثَ وأقْبحَ هذه الرائحةَ! «حتى يأتوا به أرواحَ الكفَّارِ»، أي: حتى تذهبَ به الملائكةُ إلى مقرِّ أرواحِ الكفارِ في سِجِّينٍ كما قال اللَّه تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين: 7]؛ قيل: هو كِتابٌ جامعٌ لأعمالِ الشياطينِ والكَفَرَةِ، وقيل: هو مَكانٌ في أسفلِ الأرضِ السابعةِ، وهو محَلُّ إبليسَ وجنودِهِ.
وفي الحديثِ: التَّنبيهُ إلى فَضلِ الإيمان، ومَغبَّةِ الكُفرِ في القَبرِ وبعدَ المَوتِ( ).