«Сахих ат-Таргъиб ва-т-тархиб». Хадис № 132

 

132(10) (صحيح) وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمْ بَعْدِي كُلُ مُنَافِقٍ عَلِيم اللِّسِانِ .

رواه الطبراني في الكبير (18/237) والبزار (كشف 170) ورواته محتج بهم في الصحيح .

قال الشيخ الألباني في « صحيح الترغيب والترهيب » 132 : صحيح

قال الشيخ الألباني في « صحيح الجامع الصغير» 1556 : صحيح   

132 — Сообщается, что ‘Имран ибн Хусайн, да будет доволен им Аллах, сказал:

«Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует,  сказал: “Поистине, больше всего я опасаюсь для вас после (своей смерти) всяких красноречивых лицемеров”». 

Этот хадис передали ат-Табарани в «аль-Му’джам аль-Кабир» (18/237) и аль-Баззар (Кашф 170), и на его передатчиков опираются в «Сахихе».

Шейх аль-Албани назвал хадис достоверным. См. «Сахих ат-Таргъиб ва-т-тархиб» (132), «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (1556).

 

 

 

 

 

 

 

 

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ ).
[ الحديث: صحيح].
وله عن عمر، رضي الله عنه، عدة طرق.
الأول: يرويه ميمون الكردي، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر، رضي الله عنه.
أخرجه أحمد (ح/143، 310)، ومن طريقه عبد الغني المقدسي في نهاية المراد من كلام خير العباد (ح/77)، وعبد بن حميد في المسند (ح/11 ـ المنتخب)، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (ح/18)، وفي الصمت له أيضاً (ح/148)، والبزار في المسند (ح/305 ـ البحر الزخار)، والفريابي في صفة المنافق (ح/24)، ومن طريقه المقدسي في الأحاديث المختارة (ح/235)، والذهبي في سير أعلام النبلاء (11/445) ، وابن عدي في الكامل (3/104)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (ح/941)، وأبو نعيم في صفة النفاق والمنافقين (ح/131)، والبيهقي في شعب الإيمان (ح/1776، 1777)، والهروي في ذم الكلام (ح/83)، وأبو طاهر السلفي في كتاب العلم (ح/77)، وفي المشيخة البغدادية (ح/6).
أبو عثمان النهدي: عبد الرحمن بن مل، ثقة ثبت .
ميمون الكردي، ثقة.
قال ابن الجنيد: قلت ليحيى، حماد بن زيد، عن ميمون الكردي؟ فقال: ميمون بصري، روى عنه يزيد بن هارون، ووكيع، وعبد الصمد، ويحيى القطان، قلت: ثقة؟ قال: ثقة. [ سؤالاته: 419].
قلت: وهذا التوثيق مما فات الحافظ ابن حجر في تهذيبه، ولم أقف على أحد من المعاصرين فيما علمت استشهد بهذا التوثيق أيضاً، والله الموفق.
وقال الدارمي، عن يحيى بن معين: ليس به بأس. [ سؤالاته: س/769]، [ الجرح والتعديل: 8/238 ـ ت/1072].
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: صالح. [ الجرح والتعديل: 8/238 ـ ت/1072].
وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: لا شيء. [ الجرح والتعديل: 8/238 ـ ت/1072].
قلت: وقد يكون معنى قوله: لا شيء، أي: قليل الحديث، وهذا هو الراجح في نظري والأقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى، فقد وثقه ابن معين كما تقدم، وكذلك وثقه أبو داود كما سيأتي، والثبت أن لهذه اللفظة معاني أخرى صحيحة غير معناها الظاهر، لا نحتاج لذكرها الآن، وهذا ما اخترته من معانيها لهذه الحالة.
وقال الآجري، عن أبي داود: ثقة. [ سؤالاته: س/1004].
وذكره ابن حبان في الثقات. [ ت/11001].
وشذ الأزدي فقال فيه: ضعيف. [ ميزان الأعتدال: ت/8972].
قلت: والذي أعجب منه هو تضعيف الإمام الذهبي له، كما جاء في المغني، والسؤال؛ على ماذا اعتمد إمامنا الذهبي ـ رحمه الله ـ على قوله هذا، فهل يا ترى اعتمد على تضعيف الأزدي له؟ وهو الذي يقول فيه؛ كما جاء في ترجمة الحارث بن محمد بن أبي أسامة بعد أن ضعفه الأزدي : وهذه مجازفة ، ليت الأزدي عَرَف ضعف نفسِه. [ سير أعلام النبلاء: ص/1354].
وقال أيضاً: وله كتاب كبير في الجرح والضعفاء ، عليه فيه مؤاخذات. [ ميزان الأعتدال: 3/523 ـ ت/7416].
وقا أيضاً: وعليه في كتابه الضعفاء مؤاخذات ، فإنه ضعف جماعة بلا دليل ، بل قد يكون غيره وثقهم. [ سير أعلام النبلاء: 16/348].
وقال كذلك: له مصنف كبير في الضعفاء ، وهو قوي النفس في الجرح ، وهى جماعة بلا مستند طائل. [ تذكرة الحفاظ: 3/117].
وقال أيضاً: لا يُلتفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه في الجرح رهقا. [ ميزان الأعتدال:1/61]، ثم أنه لم يذكر سبب تضعيفه للكردي، وهذا لا يؤخذ به فيمن وثق.
يرويه عن ميمون: ديلم بن غزوان العبدي، وحماد بن زيد.
ديلم بن غزوان العبدي: أبو غالب البصري، صدوق.
قال عثمان الدارمي، عن ابن معين: ثقة. [ سؤالاته: ت/316].
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: صالح. [ الجرح والتعديل: 3/435 ـ ت/1974].
وقال ابن طهمان، عن يحيى بن معين: صالح. [ سؤالاته: س/54].
وقال الآجري، سألت أبا داود عن ديلم بن غزوان، فقال: ثقة. [ سؤالاته: س/1293].
وقال الآجري أيضاً، سئل أبو داود عن ديلم بن غزوان، فقال: ليس به بأس، فقيل: أيما أحب إليك هو أو هشام بن حسان؟ فقال: هشام فوقه بكثير، ثم قال: ديلم شويخ. [ سؤالاته: س/370].
وقال أبو حاتم: ليس به بأس، هو شيخ، وهو أحب إليّ من علي بن أبي سارة. [الجرح والتعديل: 3/435 ـ ت/1974].
وقال البزار في مسنده: هو شيخ صالح. [ تهذيب التهذيب].
وقال ابن شاهين: صالح. [ تاريخ أسماء الثقات: ت/350].
وقال الذهبي: وذكره ابن عدي في الكامل، وقوى أمره، وساق له أربعة أحاديث غريبة. وقال: لا بأس بأحاديثه. [ ميزان الأعتدال: 2/29 ـ ت/2686].
قلت: ولم أقف على ما تقدم ذكره من نقل الذهبي عن ابن عدي.
وذكره ابن حبان في الثقات. [ 6/291].
حماد بن زيد: ابن درهم الأَزدي الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت، تقدمت ترجمته عند حديث طلب العلم فريضة.
قلت: وافقهم عليه الحسن بن أبي جعفر، فرواه عن ميمون الكردي، بنفس الإسناد، أخرجه الفريابي في صفة المنافق (ح/25).
وخالفهم نفسه مرة أخرة فرواه عن مالك بن دينار، عن ميمون، بالإسناد المتقدم، أخرجه الهروي في ذم الكلام(ح/83)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (61/387)، زاد في الإسناد: مالك بن دينار.
قلت: والحسن بن أبي جعفر: الجفري، ويقال: جسر بن أبي جعفر، متروك الحديث، ولا يتحمل هذا التنوع في الحديث.
قال النسائي: متروك الحديث. [ الضعفاء: ت/157]، [ الكامل لابن عدي: ت/447].
وقال أيضاً: ضعيف. [ ميزان الأعتدال: ت/ 1829].
وقال ابن حبان: تركه أحمد بن حنبل. [ المجروحين: ت/216].
وقال محمد بن علي الوراق: سألت أبا عبد الله، عن الحسن بن أبي جعفر؟ فقال: ضعيف. [ ضعفاء العقيلي: ت/270].
وقال البخاري، قال إسحاق: ضعفه أحمد. [ التاريخ الكبير: 2/271 ـ ت/ 2500]، [ التاريخ الأوسط: 2/127 ـ ت/1291]، [ الكامل لابن عدي: ت/447].
وقال ابن هانئ: سأله هارون الديك ـ يعني: سأل أبا عبد الله، عن الحسن بن أبي جعفر؟ قال: كان شيخاً صالحاً، ولكن كانت عنده أحاديث مناكير، وليس هو بشئ …. [ سؤالاته: س/2144].
وقال ابن حبان: وكان الحسن بن أبي جعفر من المتعبدين المجابين الدعوة في الأوقات، ولكنه ممن غفل عن صناعته الحديث وحفظه، واشتغل بالعبادة عنها، فإذا حدث وهم فيما يروي، ويقلب الأسانيد وهو لا يعلم، حتى صار ممن لا يحتج به، وإن كان فاضلا. [ المجروحين: ت/216].
وقال البخاري: منكر الحديث. [ التاريخ الكبير: 2/288 ـ ت/2500]، [ التاريخ الأوسط: 2/127 ـ ت/1291]، [ الضعفاء: ت/63]، [ ضعفاء العقيلي: ت/270]، [ الكامل لابن عدي: ت/447].
وقال الساجي: منكر الحديث.
وقال أبو نعيم: منكر الحديث. [الضعفاء: ت/46].
وقال عمرو بن علي: رجل صدوق، منكر الحديث، …. وكان يحيى لا يحدث عنه. [ الجرح والتعديل: 3/29 ـ ت/118]، [ الكامل: ت/447].
وقال الترمذي: ضعفه يحيى بن سعيد وغيره. [ الجامع: 2/155 ـ بعد الحديث/334 ـ شاكر].
وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي في الحديث، كان شيخاً صالحاً، في بعض حديثه إنكار. [ الجرح والنعديل: 3/29 ـ ت/118].
وقال أبو زرعة: ليس بالقوي. [ الجرح والتعديل: 3/29 ـ ت/118].
وقال أبو داود: لم يكن يجيد العقدة، وقال في موضع آخر: ضعيف لا اكتب حديثه. [ تهذيب التهذيب].
وقال الدارقطني: ليس بالقوي في الحديث. [ تهذيب التهذيب].
وقال أيضاً: ضعيف. [ السنن: 4/42 ـ ح/3065].
وذكره في الضعفاء. [ ت/189].
وقال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء. [ سؤالاته: س/4158]، [ ضعفاء العقيلي: ت/270]، [ الكامل لابن عدي: ت/447].
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد، عن ابن معين: ليس بشيء. [ العلل: س/3874].
وقال ابن أبي خيثمة، سئل يحيى بن معين عن الحسن بن أبي جعفر؟ فقال: لا شيء. [ الجرح والتعديل: 3/29 ـ ت/118]، [ المجروحين لابن حبان: ت/216].
وقال ابن الجنيد، عن يحيى بن معين: ضعيف الحديث. [ سؤالاته: س/241].
وقال الجوزجاني: ضعيف، واهي الحديث. [ أحوال الرجال: ص/117 ـ ت/191]، [ الكامل لابن عدي: ت/447].
وقال أبو يوسف القلوسي: سمعت أبا بكر بن أبي الأسود يقول: كان خالي عبد الرحمان بن مهدي يترك الحديث عن الحسن بن أبي جعفر الجفري ، وعثمان بن صهيب ، وغيرهما من أهل القدر ، للمذهب والضعف ، فلما كان بآخره حدث عنهم ، وخرجهم في تصانيفه ، فقلت : ياخال ، أليس قد كنت أمسكت عن الرواية عن هؤلاء ؟ فقال : نعم ، لكن خفت أن يخاصموني بين يدي ربي فيقولون : يا رب ، سل عبد الرحمان لم أسقط عدالتنا ؟ [ سؤالات السلمي: س/261]، [ المجروحين لابن حبان: ت/216].
وقال ابن عدي: والحسن بن أبي جعفر له أحاديث صالحة، وهو يروي الغرائب، وخاصة عن محمد بن جحادة، له عنه نسخة يرويها المنذر بن الوليد الجارودي، عن أبيه، عنه …. وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب، وهو صدوق كما قاله عمرو بن علي، ولعل هذه الأحاديث التي أنكرت عليه توهمها توهما أو شبه عليه فغلط. [ الكامل: ت/447].
وقال العقيلي، بعد أن أورد له حديثاً: ولا يتابعه عليه إلا من هو قريب منه. [ الضعفاء: ت/270].
وقال البزار: لا يحتج بما أنفرد به.
وضعفه علي بن المديني. [ الضعفاء لأبي نعيم: ت/46].
وضعفه يعقوب بن سفيان.
وقال العجلي: ضعيف الحديث. [ الثقات: ت/288].
ورواه معلى بن زياد، عن أبي عثمان النهدي، قال: سمعت عمر بن الخطاب وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه
وسلم أكثر من عدد أصابعي هذه، وهو يقول: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة، المنافق العليم، قيل: وكيف يكون المنافق العليم ؟ قال: عالم اللسان جاهل القلب والعمل.
أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة ( ح/683)، والفريابي في صفة المنافق (ح/26) واللفظ له، ومن طريقه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (ح/236)، موقوفاً.
قلت: معلى بن زياد: القردوسي، أبو الحسن البصري، ضعيف، ولا يصح حديثه إلا بالمتابعة، قال ابن أبي مريم، سألت يحيى عن معلى بن زياد، قال: ليس بشئ، ولا يكتب حديثه. [ الكامل لابن عدي: ت/1852].
قال ابن عدي معلقاً ومعقباً عليه: ومعلى بن زياد هذا له أحاديث غير ما ذكرت، وهو أحد ممن يعد من زهاد الشيوخ في البصرة، ولا أرى برواياته بأسا، ولا أدري من أين قال بن معين: لا يكتب حديثه؟ وهو عندي لا بأس به. [ نفس المصدر]
قلت: ولا يحق لابن عدي هذا التعجب من أقوال الأئمة النقاد، وعدم دراية ابن عدي لا تعني بالضرورة عدم الأخذ بهذا الجرح، والأصل أنه ضعيف على ما نقلناه عن الإمام ابن معين، وهل توثيق ابن معين له مرة وتضعيفه مرة أخرى يعد من الإضطراب ؟ ومن يقول هذا القول ؟ بل قد يكون تبين للإمام بعد توثيقه إياه ما خفى عليه من قبل، ثم نعتبر هذه الحالة من باب تقديم الجرح المفسر على التوثيق، وسيأتي في البحث القادم عند ترجمة حسين المعلم ما فيه الكفاية، إن شاء الله.
الثاني: يرويه عبد الله بن بريدة، عن عمر، رضي الله عنه.
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ح/940)، والحارث في مسنده ـ بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (ح/466) ـ، عن حسين بن ذكوان المعلم، عنه، به.
ورواه حسين المعلم مرة أخرى عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، قال: ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ جدال المنافق عليم اللسان ).
أخرجه ابن حبان (ح/80)، والفريابي في صفة المنافق ( ح/23)، ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/385)، والبزار (ح/2971 ـ البحر الزخار)، والطبراني في المعجم الكبير (ح/593)، والبيهقي في شعب الإيمان (ح/1775). فجعل الحديث من مسند عمران بن حصين.
قلت: حسين بن ذكوان المعلم: البصري، مضطرب الحديث.
قال العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: سمعت يحيى …. وذكر أحاديث حسين المعلم، فقال: فيه اضطراب. [ الضعفاء: ت/299].
وقال أيضاً بعد أن أورد له حديثاً مرسلاً: …. فقال يحيى: كنا نعرف حسين ـ يعني: المعلم ـ بهذا الحديث المرسل. [ نفس المصدر].
وقال الحافظ ابن حجر: وقال يحيى القطان: فيه اضطراب، قلت: لعل الإضطراب من الرواة عنه فقد احتج به الأئمة. [ فتح الباري:1/398].
وقال أيضاً: الحسين بن ذكوان المعلم، ألانه القطان بلا قادح. [ فتح الباري: 1/461].
وقال العقيلي: ضعيف، مضطرب الحديث. [ الضعفاء: ت/299].
وقال الذهبي: الحسين بن ذكوان المعلم أحد الثقات والعلماء، ضعفه العقيلي بلا حجة …. وذكر له العقيلي حديثاً واحداً غيره يرسله، فكان ماذا ؟ فمن ذا الذي ما غلط في أحاديث أشعبة ؟ أمالك؟ [ ميزان الأعتدال: ت/2665].
قلت: وقد استنكر أهل العلم بعض حديثه، وأنا أنكر هذا الحديث عليه.
ثم دافع عنه البعض من غير دليل ولا حجة يستند إليها، والأصل في الحكم على الراوي، من خلال جمع ودراسة حديثه أو بعضه، ومقارنته مع أحاديث الثقات، فإذا كان معظم أحاديثه مستقيمة احتج به، وأما إيراد بعض أقوال أهل العلم فيه وترك قول الجارح أو رده، والحكم على الراوي من خلال النقول في هكذا حالة فيعد قصوراً في البحث، قال ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ : يعرف كون الراوي ضابطا بأن نعتبر روايته بروايات الثقات المعروفين بالضبط وإلاتقان. فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في إلاغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا. وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه والله أعلم. [المقدمة: ص/61]. وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ أعلم أن أكثر المتكلم فيهم، ما ضعفهم الحفاظ إلا لمخالفتهم للأثبات. [ الموقظة: ص/52]. وهذا من جهة الضبط والحفظ، وليس من جهة العدالة، والأصل أن الراوي يضعف في الحديث لمخالفته وإنْ وُثِّقَ، مثال على ذلك: قول الدارقطني في الحسن بن عبيد الله كما جاء في [ العلل: 2/ 204 ـ س/222]: وقول الحسن بن عبيد الله عن قرثع غير مضبوط، لأن الحسن بن عبيد الله ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش …. وهذا عندما خالف الأعمش، وقد وثقه يحيى بن معين، وزاد: صالح، والعجلي، وأبو حاتم، والنسائي، وابن سعد، وغيرهم. ولم يضعفه أحدٌ من قبل فيما علمت غير الدارقطني، على ما صدر منه من مخالفة.
فيحيى القطان من أهل النقد والتعليل، وخبيرٌ في الحديث وعلومه، ولا يتكلم إلا بمعرفة وبصيرة واضحة، وتمييز صحيح الحديث من سقيمه والإعتدال في الحكم عليه، يقول يحيى القطان: لم نر الصالحين في شيء، أكذب منهم في الحديث، . [ مقدمة صحيح مسلم: ص/12 ـ ومن خرجه كثر]، فهذا من حرصه على التفتيش والتنقيب في هذا العلم، وهو لم يتكلم عن هؤلاء الصالحين الأبرار إلا عن دراية وخبرة، وعندي أن يحيى القطان ـ رحمه الله ـ يعادل كلامه ونقده العدد الذي لا يستهان به ممن تكلم في الرجال، وهل يستوي من تكلم في الرجل والرجلين مع من كان خبيراً وعالماً بأسرار الجرح والتعديل ؟ مستحيل، وهذا معروف عند أهل الحديث.
والمختص في علم لا يكون كغيره، فيحيى من البارعين الأفذاذ في نقد الرجال، وتمييز صحيح حديثهم من سقيمه، وهذا مقدم عند أهل العلم على سواه، قال الشافعي لأحمد: يا أبا عبد الله: إذا صح عندكم الحديث، فأخبرونا حتى نرجع إليه، أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان خبر صحيح، فأعلمني حتى أذهب إليه، كوفيا كان أو بصريا أو شاميا. [ سير أعلام النبلاء: 11/213]. وقال الشيخ الالباني ـ رحمه الله ـ : رأي العالم المختص في علمه حجة على غير المختص. [ السلسلة الصحيحة: ح/633]. وهذا يدلك على ركون وميل أهل العلم إلى المتخصص، وقبول قوله والأخذ عنه والعدول عن من سواه.
وقد يقال: إن يحيى القطان كان من المتشددين، أقول: هذا حال كثير من الحفاظ، يتشددون أحياناً ويتساهلون أحياناً أخرى، نعم قد يغلب عليهم صفة التشدد، ولكن تشدده لا يخرج عن دائرة النقد المعروف المقبول، ثم لا يعني هذا أنه من المتشددين دائماً وأبداً، ولا يؤخذ بقوله إلا إذا وافق النقاد في الجرح والتعديل، وهذا مثال على ما ذكرته، قال علي بن المديني، قلت ليحيى بن سعيد القطان: إن عبد الرحمن ـ ابن مهدي ـ، يقول: اترك من كان رأسا في البدعة يدعو إليها، قال يحيى: كيف تصنع بقتادة ؟ كيف تصنع بابن أبي راود وعمر بن ذر ؟ وعد يحيى قوما، ثم قال يحيى: هذا إن ترك هذا الضرب ترك ناسا كثيرا. [ ضعفاء العقيلي: 1/25]. فمثل هذا القول يدلك على الاعتدال في المنهج على أقل تقدير، ولا يحمل على ما سواه، بل قائم على الإتزان والصواب في هذه المسألة، وذلك حتى لا يترك ما صح من حديث هؤلاء الرواة، وهذا من خشيته على ذهاب بعض حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ترك هؤلاء الرهط.
واعلم أن أحتجاج أهل العلم في الراوي لا يعني أنه ثقة على الإطلاق، فقد يكون عند البعض مقبولاً بطريقة أو بأخرى، وهذا في احتجاج الشيخين بالمعلم، قال ابن رجب: إعلم أنه قد يخرج في الصحيح لبعض من تكلم فيه، إما متابعة واستشهاداً …. [ شرح علل الترمذي: 2/708 ـ 710]. فعند البخاري ومسلم بعض الأسانيد التي عليها كلام وانتقاد، ولكن اعتمدوا صحة وثبوت هذه الأحاديث على أسانيد أخرى صحيحة لا إشكال فيها، وهي متفقة نصاً ومعنى معها، وهذا مما لا يسع المنكر إنكاره، والإمامان كانت تعرف لهم المكانة الرفيعة بين أوساط العلماء والنقاد، فإذا تركا رجلا ولم يحدثا عنه، أصبح موضع شك لدى الناس بتركهما إياه، وهذا من ورعهما في دقة الاختيار والانتقاء، ولكن اضطرارهما لعين الحديث، ومعرفتهما بصحته من طرق أخرى جعلتهما يودعانه في صحيحيهما، والدليل عليه أن هذا الذي أخرجا عنه هذا الحديث، من النادر أن لا يكون عنده إلا هذا الحديث الواحد، ولكن الإمامين لم يخرجا عنه إلا هذا الحديث لاحتياجهما له وترك ما سواه، وقال حماد بن سلمة: لولا الاضطرار ما حملنا عن محمد بن إسحاق. [ سؤالات البرذعي: 2/589] وهذا الكلام يؤيد ما ذكرناه آنفاً، وكذلك قد انتقيا جملة من أحاديث المدلسين، فأخرجا لهم في صحيحيهما وإن لم يصرحوا بالتحديث، وقد يخرجان لمختلط ولكن بعد أن ينتقيا من حديثه ما حدث به قبل الاختلاط، قال الحافظ ابن حجر: …. فإنا نعلم في الجملة أن الشيخين لم يخرجا من رواية المدلسين بالعنعنة إلا ما تحققا أنه مسموع لهم من جهة أخرى وكذا لم يخرجا من حديث المختلطين عمن سمع منهم بعد الاختلاط إلا ما تحققا أنه من صحيح حديثهم قبل الاختلاط .. [ النكت: ص/315 ـ ط/ ربيع]، وقد يكون بعد الاختلاط ولكن يكون الراوي قد ثبتت متابعته، وهذا يحتاج إلى بحث واستقراء، أسأل الله التيسير والإعانة. [ راجع تعليقي على طرق حديث طلب العلم فريضة، طريق قتادة، عن أنس].
ثم إن الأئمة يعتنون بتقديم كلام أهل بلد الراوي على غيره فيه، وما هذا إلا لبصيرتهم به، ولقربهم منه، ومعرفتهم عن حاله وحقيقة أمره أكثر من غيرهم، ولهذا في بعض الأحيان يشك في الراوي إذا لم يحدث عنه أهل بلده، ويتفرد عنه غيرهم، ويحيى بلدي المعلم وهو أعلم وأعرف بحديثه من الغرباء، قال الساجي في سالم بن نوح بن أبي عطاء البصري: صدوق ثقة، وأهل البصرة أعلم به من ابن معين [ تهذيب التهذيب]. وهذا بعد أن ضعفه إمام الجرح والتعديل ابن معين، ولكنه قدم أهل بلد الراوي عليه، وسأل مطين، أحمد بن حنبل، عن يحيى الحماني، فقال له: …. أكان ثقة ؟ فقال أحمد: أنتم أعرف بمشايخكم. [ تاريخ بغداد: 14/175].
قال الإمام الذهبي: …. والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة، تام الورع. [ ميزان الأعتدال: 3/52 ـ ت/5253]. والإمام القطان كنارٍ على علم في هذا المضمار وهذا الركن، فكيف يعدل الباحث عن قوله من غير دليل واضح ؟ وللمعلمي ـ رحمه الله ـ كلام نفيس ومفيد حول هذا الموضوع في مقدمة الجرح والتعديل. [ ص/ ب ـ ج].
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في حسين المعلم بعد أن دافع عنه: ثقة، ربما وهم، بل أنا أقول: ضعيف مضطرب الحديث.
الثالث: يرويه الأحنف بن قيس، عن عمر، رضي الله عنه.
أخرجه، أبو يعلى في المعجم (ح/328)،عن حماد ، قال : حدثنا حميد ، ويونس ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه قال كنا نتحدث أن ما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم اللسان ).
ورواه حماد بن سلمة مرة أخرى عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، …. وفيه قصة، خرجه الفريابي في صفة المنافق (ح/27).
قلت: وحماد بن سلمة كثير الغلط، وهذا يعد اضطراباً منه، وقد ترجمت له بتوسع وبينت حاله بما يكفي، إن شاء الله، في تخريجي لطرق حديث طلب العلم فريضة، عند طريق قتادة، عن أنس رضي الله عنه.
الرابع: يرويه الحسن، عن عمر، رضى الله عنه.
أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ح/684)، عن الحسن، قال: لما قدم وفد أهل البصرة على عمر بن الخطاب، فيهم الأحنف بن قيس، سرحهم وحبسه عنده، ثم قال: أتدري لم حبستك ؟ إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حذرنا، ) كل منافق عالم اللسان (، وإني أتخوف أن تكون منهم، وأرجو أن لا تكون منهم، فافرغ من صنعتك والحق بأهلك.
قلت: الحسن البصري: ابن أبي الحسن ــ يسار ــ أبو سعيد البصري، ثقة، إلا أنه لم يسمع من عمر، رضى الله عنه.
وللحديث شاهد من حديث علي رضى الله عنه.
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (ح/7065)، والصغير له أيضاً (ح/1024)، والهروي في ذم الكلام (ح/85) من طريق الحارِث، عن علي قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِنًا وَلَا مُشْرِكًا، أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَحْجِزُهُ إِيمَانُهُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ كُفْرُهُ، وَلَكِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْهِمْ مُنَافِقًا، عَالِمَ اللِّسَانِ، يَقُولُ مَا يَعْرِفُونَ، وَيَعْمَلُ مَا يُنْكِرُونَ).
قلت: الحارث: ابن عبد الله، الأعور، الهمداني، قد تواتر عند أهل العلم تكذيبه، فلا يفرح بهذا الشاهد.

 

 

 

Добавить комментарий

Ваш адрес email не будет опубликован. Обязательные поля помечены *

Ваше сообщение в комментах

Этот сайт использует Akismet для борьбы со спамом. Узнайте, как обрабатываются ваши данные комментариев.