1009 — حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).
قال الشيخ الألباني: صحيح
1009 — Сообщается, что Анас ибн Малик (да будет доволен им Аллах) сказал:
— (Однажды) ‘Умар сказал: «О Посланник Аллаха! Если бы ты взял место стояния Ибрахима, местом для молитвы». И (тогда) был ниспослан аят: «И сделайте для себя место стояния Ибрахима местом для молитвы» (аль-Бакъара, 2:125).
Этот хадис передал Ибн Маджах (1009).
Также этот хадис передали Ахмад (1/23), аль-Бухари (4493), Муслим (2399), ат-Тирмизи (2960), ан-Насаи в «Сунан аль-Кубра» (10998, 11418, 11611).
Шейх аль-Албани назвал хадис достоверным. См. «Сахих Ибн Маджах» (832), «Сахих ат-Тирмизи» (2960).
شرح الحديث
هذا الحديثُ مِن أجَلِّ مناقِبِ عُمَرَ بن الخطَّاب رَضِيَ الله عنه وفضائِلِه، وفيه يقولُ عُمرَ رضِي اللهُ عنه: «وافقتُ ربِّي في ثلاث»، وما أحسَنَ عبارَتَه وألطَفَها! حيث راعَى فيها حُسْنَ الأدب؛ فَلَم يَقُل: وافقَني ربِّي في ثلاثٍ؛ لأنَّ الآياتِ إنَّما نَزَلَت مُوافِقةً لرَأْيِه واجتهادِه، وإنَّما ذَكَر عمرُ ذلك ليَحسُنَ ظنُّ السامعينَ بِه ولا يُنازِعوه في حقٍّ يقولُه، ولكي يَقتديَ به المؤمنونَ في إيثارِه الحقَّ وقولَه الصَّوابَ، ثم ذَكَر هذه الثلاث، وهي:
الأُولى: أنَّ عُمرَ قال: يا رسولَ اللهِ، لو اتَّخَذْنا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلًّى؟ فنزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، أي: اتِّخِذوا- أيُّها الناسُ من مَقامِ إبراهيمَ مُصلًّى تُصلُّون عنده، عِبادةً منكم للهِ تَعالى، وتَكرمةً لإبراهيمَ مِن اللهِ سبحانَه.
الثانية: آيةُ الحِجابِ؛ فقد قال عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، لوْ أَمَرْتَ نساءَك أن يحتَجِبْن؛ فإنَّه يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ والفاجِرُ، فنزلت آيةُ الحِجاب، وهي قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59]، وكانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ يَعلمُ أنَّ حَجْبهنَّ خيرٌ من غَيرِه، لكنَّه كانَ يترقَّبُ الوَحْيَ؛ ويدلُّ على ذلِك أنَّه لم يُوَافقْ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهُ حين أَشارَ عليه بذلِك. وكان الحِجابُ في السَّنَةِ الخامِسَة، أو في ذي القَعْدة سنَةَ أربَعٍ، أو في السَّنَة الثالثة.
الثَّالثة: أنَّ نِساءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ اجتمَعْنَ في الغَيْرةِ عليه، ولهذه الْقَضِيَّة قِصَّةٌ طويلةٌ؛ أنَّ النبيَّ كان إذا دَخَل على حَفصةَ بنتَ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما مُسلِّمًا حَبستْه وسقتْه من عَسلٍ أُهدِي لها، وأنَّ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عنها أَنكرتِ احتباسَه عندها، فأمرتْ جُويريةً عندها حبشيَّةً يُقال لها خضرةُ أن تنظُر ماذا تَصنَعُ حفصةُ إذا دخَلَ عليها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأخبرتْها الخبرَ وشأنَ العَسلِ، فغارَتْ فَأرْسلتْ إلى صواحبِها… إلخ القِصَّةَ بطُولها، ثمَّ إنَّ عُمرَ رضِي اللهُ عنه لَمَّا بلَغَه ذلك دخَل على نِساءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فوعَظَهُنَّ وزَجرَهُنَّ ومِن جملةِ ما قال عُمرُ لهنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ}، فنزلَتْ هذه الآيةُ؛ فَهَذَا مِن جُملَةِ ما وَافَقَ عُمرُ ربَّه عزَّ وجلَّ وَوَافَقَه ربُّه، وليس في الآيةِ ما يَدُلُّ على أنَّ في النِّساءِ خَيْرًا مِنهنَّ؛ لأنَّ المُعَلَّقَ بِما لم يَقَعْ لا يجِبُ وُقوعُه، والآيةُ وردتْ في الإخبارِ عن القُدرةِ لا عن الكَونِ في الوقتِ؛ لأنَّه تعالى قال: {إِنْ طَلَّقَكُنَّ} وقدْ علِم سُبحانَه أنَّه لا يُطلِّقهنَّ، وهذا كقوله: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد: 38]؛ فهذا إخبارٌ عن القُدرةِ وتخويفٌ لهم، لا أنَّ في الوجودِ مَن هو خيرٌ من أمَّةِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وليس في تَخصيصِ عُمرَ العَدَد بالثَّلاثِ في هذا الحديثِ ما يَنفي الزِّيادةَ عليها؛ لأنَّه حصلتْ له الموافقةُ في أشياءَ غيرِ هذه؛ مِن مَشْهُورها قِصَّةُ أُسارى بدرٍ، وقصَّة الصَّلاةِ على المنافقينَ، وهُما في الصَّحيحِ.