1351 – وعن أَبي هريرة — رضي الله عنه — ، قَالَ : قَالَ رسول الله — صلى الله عليه وسلم — :
(( لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا )) متفقٌ عَلَيْهِ .
1351 – Передают со слов Абу Хурайры, да будет доволен им Аллах, что посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, сказал:
«Не желайте встречи с врагами и просите Аллаха об избавлении,[1] но если уж вы встретились с ними, то проявляйте терпение».[2] Этот хадис передали аль-Бухари (3026) и Муслим (1741).
[1] Речь идёт об избавлении от всего доставляющего мучения и приводящего к раздорам в религиозных и мирских делах.
[2] См. хадис № 1324.
شرح الحديث
العَافِيَةُ نعمةٌ مِنَ النِّعَمِ التي يَنبغِي للمرءِ أنْ يُدَاوِمَ على سؤالِ المَوْلَى سبحانه وتعالى إيَّاها؛ ولذلك نَهَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ عن تَمَنِّى لقاءِ العَدُوِّ؛ لأنَّه لا يَعلمُ ما يَنتهي إليه أمرُه، ولا كيف يَنْجُو منه، ولأنَّ الناسَ مُختلِفون في الصَّبْر على البَلاءِ، ولأنَّ العافيةَ والسَّلامةَ لا يَعْدِلها شيءٌ.
وأيضًا نَهَى صلَّى الله عليه وسلَّم عن تَمَنِّي لقاءِ العَدُوِّ لِمَا فيه مِن صُورةِ الإعجابِ بالنَّفْسِ والاتِّكال عليها والوُثوقِ بأَسبابِ القُوَّةِ، ولأنَّه يَتضمَّن قِلَّةَ الاهتمامِ بالعَدُوِّ واحتقارَه، وهذا يخالِف الاحتياطَ والحَزْمَ، كلُّ هذه المعاني يَتضمَّنُها نَهْيُه صلَّى الله عليه وسلَّم عن تَمَنِّي لقاءِ العَدُوِّ، وأَمْرُه بسُؤالِ الله العافيةَ التي هي مِنَ الألفاظِ العامَّةِ المُتناوِلَةِ لدَفْع جميعِ المكروهاتِ.
وفي هذا الحديثِ: يُخبِر سالِمٌ مَولَى عُمرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ، وكان كاتِبًا له، أنَّه قَرَأَ كِتابًا كَتَبه عَبدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوفَى رضِي اللهُ عنهما إلى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ الله، وكان في الكِتابِ: «إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في بعضِ أيَّامِه»، أي: غَزَواتِه «التي لَقِيَ فيه العَدُوَّ، انْتَظَر حتى مَالَتِ الشَّمسُ»، أي: تحرَّكَتْ عن وَسَطِ السَّماءِ، «ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فقَالَ: أيُّها النَّاسُ، لا تَمَنَّوْا لقاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فإذا لَقِيتُمُوهم فاصْبِروا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تحتَ ظِلالِ السُّيوفِ»، أي: أنَّ لقاءَ العَدُوِّ والنِّزَالَ بالسُّيوفِ مِنَ الأسبابِ المُوجِبَةِ للجَنَّةِ، ثُمَّ سأل اللهَ تعالى النَّصْرَ فقال: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتاب»، أي: القُرآن، «ومُجْرِيَ السَّحَابِ»، أي: أنَّ السَّحابَ يَجرِي بأمرِه تعالى، «وهَازِمَ الأحزابِ» وهُم الأحزابُ الذين اجتَمعوا عليه صلَّى الله عليه وسلَّم في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ أو الأحزابِ، فهَزَمَهم اللهُ بالرِّيحِ العاصِفَة مِن دُونِ قِتالٍ، «اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنا عليهم».
وفي الحديثِ: النَّهْيُ عن تَمَنِّي لقاءِ العَدُوِّ، وهذا غيرُ تَمَنِّي الشَّهادَةِ.
وفيه: أنَّ الإنسانَ إذا لَقِيَ العَدُوَّ فإنَّ الواجبَ عليه أن يَصبِر.
وفيه: أنه يَنبغي لأَمِيرِ الجيشِ أو السَّرِيَّة أن يَرفُقَ بهم، وألَّا يَبدأَ القتالَ إلَّا في الوقتِ المُناسِبِ.