«Сахих аль-Бухари». Хадис № 883

 

 

6 – باب الدُّهْنِ لِلْجُمُعَةِ .

 

6 – Глава: Умащение волос маслом перед пятничной молитвой[1]


[1] Масло использовалось для приведения в порядок и украшения волос.

 

 

 

883 حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبِى عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ — صلى الله عليه وسلم:

« لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ ، فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ، ثُمَّ يُصَلِّى مَا كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى » .

طرفه 910 — تحفة 4493

 

883 – Сообщается, что Салман аль-Фариси (да будет доволен им Аллах) сказал:

«Пророк, да благословит его Аллах и приветствует сказал: “Если человек совершит в пятницу полное омовение, очистится (так тщательно), как только сможет, смажет (волосы) или умастит (тело) благовониями, (которые найдутся) у него дома, после чего отправится (на пятничную молитву), и не будет расталкивать сидящих рядом (в мечети), и помолится столько, сколько было (угодно Аллаху), а потом будет хранить молчание, внимательно слушая слова имама, ему обязательно простятся (грехи, совершённые им) между этой и предыдущей пятницей”». См. также хадис № 910. Этот хадис передал аль-Бухари (883).  

Также этот хадис передали Ахмад (5/438, 440), ан-Насаи (3/104), ад-Дарими (1541), Ибн Хиббан (2776), Ибн Аби Шейба (2/152), ат-Таялиси (659), аль-Байхакъи в «ас-Сунан» (2464, 3/232, 242-243), «Ма’рифату ас-Сунан ва-ль-асар» (6653) и Фадаилю аль-аукъат» (267), ат-Табарани в «аль-Му’джам аль-Кабир» (6189, 6190), ат-Тахави в «Шарх Ма’ани аль-асар» (1/369), Абу Хатим ар-Рази в «аль-‘Иляль» (1/202), Ибн аль-Къани’ в «Му’джам ас-сахаба» (1/285), аль-Багъави в «Шарху-с-Сунна» (1058). См. «Сахих ат-Таргъиб ва-т-тархиб» (689), «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (7736).

____________________________________

В этом хадисе довод на то, что совершение полного омовения в пятницу является желательным действием. Также в нём указание на то, что в этот день следует очистить тело и умаститься благовониями, желательность пораньше отправиться на пятничную молитву, чтобы в мечети не переходить через шеи людей, дабы не причинять им неприятность и не разделять сидящих рядом. Также в нём указание на желательность молиться перед пятничной молитвой, узаконенность молчания в то время, когда имам произносит хутбу. Также в нём указание на обещание прощения грехов тому, кто сделает то, о чём сказано в этом хадисе. См. «Татрийз Рияду-с-салихин».

 

 

 

كتاب فتح الباري لابن حجر

 

(قَوْلُهُ بَابُ الدَّهْنِ لِلْجُمُعَةِ)

أَيِ اسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الدَّالِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِير

[883] قَوْله عَن بن وَدِيعَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ سَمَّاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيّ عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ تَابِعِيّ جليل وَقد ذكره بن سعد فِي الصَّحَابَة وَكَذَا بن مَنْدَهْ وَعَزَاهُ لِأَبِي حَاتِمٍ وَمُسْتَنَدُهُمْ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدًا لَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُ الْوَاسِطَةِ وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَتَبَّعَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سَعِيدٍ المَقْبُري فَرَوَاهُ بن أبي ذِئْب عَنهُ هَكَذَا وَرَوَاهُ بن عَجْلَانَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ بَدَلُ سَلْمَانَ وَأَرْسَلَهُ أَبُو مَعْشَرٍ عَنْهُ فَلَمْ يَذْكُرْ سَلْمَانَ وَلَا أَبَا ذَرٍّ وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اه وَرِوَايَة بن عجلَان الْمَذْكُور عِنْد بن مَاجَهْ وَرِوَايَةُ أَبِي مَعْشَرٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَرِوَايَةُ الْعُمَرِيِّ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فَأَمَّا بن عجلَان فَهُوَ دون بن أَبِي ذِئْبٍ فِي الْحِفْظِ فَرِوَايَتُهُ مَرْجُوحَةٌ مَعَ أَنه يحْتَمل أَن يكون بن وَدِيعَةَ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ جَمِيعًا وَيُرَجِّحُ كَوْنَهُ عَنْ سَلْمَانَ وُرُودُهُ مِنْ وَجْهٍ آخر عَنهُ أخرجه النَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ وَهُوَ بِقَافٍ مَفْتُوحَةِ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ قَالَ وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْأَوَّلِينَ وَعَنْ سَلْمَانَ نَحْوُهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَمَّا أَبُو مَعْشَرٍ فَضَعِيفٌ وَقَدْ قَصَّرَ فِيهِ بِإِسْقَاطِ الصَّحَابِيِّ وَأَمَّا الْعُمَرِيُّ فَحَافِظٌ وَقَدْ تَابَعَهُ صَالِحُ بْنُ كيسَان عَن سعيد عِنْد بن خُزَيْمَة وَكَذَا أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن رجل عَن سعيد وَأخرجه بن السَّكَنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَزَادَ فِيهِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عُمَارَةَ بْنَ عَامر الْأنْصَارِيّ أه وَقَوله بن عَامر خطأ فقد رَوَاهُ اللَّيْث عَن بن عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ عَمْرِو بن حزم أخرجه بن خُزَيْمَةَ وَبَيَّنَ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَارَةَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ سَلْمَانَ ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَفَادَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ سَعِيدًا حَضَرَ أَبَاهُ لَمَّا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِ بن وَدِيعَةَ وَسَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ وَقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ الْجَرْمِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ بن أبي ذِئْب عَن سعيد عَن بن وَدِيعَةَ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ فَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مَعَ أَبِيه من بن وَدِيعَةَ ثُمَّ اسْتَثْبَتَ أَبَاهُ فِيهِ فَكَانَ يَرْوِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي اخْتَارَهَا الْبُخَارِيُّ أَتْقَنُ الرِّوَايَاتِ وَبَقِيَّتُهَا إِمَّا مُوَافِقَةٌ لَهَا أَوْ قَاصِرَةٌ عَنْهَا أَوْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَمَا وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ لِابْنِ وَدِيعَةَ صُحْبَةً فَفِيهِ تَابِعِيَّانِ وَصَحَابِيَّانِ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَوْلُهُ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنَ الطُّهْرِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ طُهْرٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْظِيفِ وَيُؤْخَذُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْغُسْلِ أَنَّ إِفَاضَةَ الْمَاءِ تَكْفِي فِي حُصُولِ الْغُسْلِ أَوِ الْمُرَادُ بِهِ التَّنْظِيفُ بِأَخْذِ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَالْعَانَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْغُسْلِ غَسْلُ الْجَسَدِ وَبِالتَّطْهِيرِ غَسْلُ الرَّأْسِ قَوْلُهُ وَيَدَّهِنُ الْمُرَادُ بِهِ إِزَالَةُ شَعَثَ الشَّعْرِ بِهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّزَيُّنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَوْلُهُ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ أَيْ إِنْ لَمْ يَجِدْ دُهْنًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَوْ

بِمَعْنَى الْوَاوِ وَإِضَافَتُهُ إِلَى الْبَيْتِ تُؤْذِنُ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ طِيبًا وَيَجْعَلُ اسْتِعْمَالَهُ لَهُ عَادَةً فَيَدَّخِرُهُ فِي الْبَيْتِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْتِ حَقِيقَتُهُ لَكِنْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى إِنْ لَمْ يَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ طِيبًا فَلْيَسْتَعْمِلْ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَاضِي ذِكْرُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ وَفِيهِ أَنَّ بَيْتَ الرَّجُلِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ امْرَأَتُهُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَيَلْبَسُ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا قَوْلُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ زَادَ فِي حَدِيث أبي أَيُّوب عِنْد بن خُزَيْمَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ثُمَّ يَمْشِي وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ قَوْلُهُ فَلَا يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلَمْ يَتَخَطَّ أَحَدًا وَلَمْ يُؤْذِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ثُمَّ يَرْكَعُ مَا قُضِيَ لَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فَيَرْكَعُ إِنْ بَدَا لَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ زَادَ فِي رِوَايَةِ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتُهُ وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ قَوْلُهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فِي رِوَايَةِ قَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ حُطَّ عَنْهُ ذُنُوبُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَالْمُرَادُ بِالْأُخْرَى الَّتِي مَضَتْ بَينه اللَّيْث عَن بن عجلَان فِي رِوَايَته عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَلَفْظُهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ سَلْمَانَ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِاخْتِصَار وَزَاد بن مَاجَهْ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا لَمْ يَغْشَ الْكَبَائِرَ وَنَحْوُهُ لِمُسْلِمٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا كَرَاهَةُ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهُ التَّخَطِّيَ إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الْمُصَلَّى إِلَّا بِذَلِكَ اه وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِمَامُ وَمَنْ يُرِيدُ وَصْلَ الصَّفِّ الْمُنْقَطِعِ إِنْ أَبَى السَّابِقُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي قَامَ مِنْهُ لِضَرُورَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ يَكُونُ مُعَظَّمًا لِدِينِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ أَلِفَ مَكَانًا يَجْلِسُ فِيهِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُكْرَهُ التَّخَطِّي إِلَّا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ ذَلِكَ عَلَى الْخُطْبَةِ وَقَدْ بَيَّنَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ بِلَفْظِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْإِمَامَ خَرَجَ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ وَفِيهِ جَوَازُ النَّافِلَةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّبْكِيرَ لَيْسَ مِنِ ابْتِدَاءِ الزَّوَالِ لِأَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ يَعْقُبُ الزَّوَالَ فَلَا يَسَعُ وَقْتًا يَتَنَفَّلُ فِيهِ وَتَبَيَّنَ بِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ تَكْفِيرَ الذُّنُوبِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ مَشْرُوطٌ بِوُجُود جَمِيع مَا تقدم من غسل وتنظف وَتَطَيُّبٍ أَوْ دَهْنٍ وَلُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَالْمَشْيِ بِالسَّكِينَةِ وَتَرْكِ التَّخَطِّي وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَتَرْكِ الْأَذَى وَالتَّنَفُّلِ وَالْإِنْصَاتِ وَتَرْكِ اللَّغْوِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَمَنْ تَخَطَّى أَوْ لَغَا كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا وَدَلَّ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ غِشْيَانِ الْكَبَائِرِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُكَفَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ هُوَ الصَّغَائِرُ فَتُحْمَلُ الْمُطْلَقَاتُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ أَيْ فَإِنَّهَا إِذَا غُشِيَتْ لَا تُكَفَّرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَكْفِيرَ الصَّغَائِرِ شَرْطُهُ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إِذِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ بِمُجَرَّدِهِ يُكَفِّرُهَا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يُكَفِّرَهَا إِلَّا اجْتِنَاب
الْكَبَائِرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ صَغَائِرُ تُكَفَّرُ رُجِيَ لَهُ أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَإِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الثَّوَابِ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ ذَكَرُوا لَمْ يُسَمِّ طَاوُسٌ مَنْ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ وَالَّذِي يظْهر أَنه أَبُو هُرَيْرَة فقد رَوَاهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَثَبَتَ ذِكْرُ الطِّيبِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَسَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ

 

 

 

كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري

6 — (بابُ الدَّهْنِ لِلْجُمُعَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الدّهن لأجل الْجُمُعَة، والدهن، بِفَتْح الدَّال: مصدر من دهنت دهنا، وبالضم اسْم، وَهَهُنَا بِالْفَتْح، وَإِنَّمَا لم يجْزم بِحكمِهِ للِاخْتِلَاف فِيهِ على مَا نذكرهُ.

883 — حدَّثنا آدَمُ قالَ حدَّثنا ابنُ أبي ذِئبٍ عنْ سَعِيدٍ المَقْبَرِيِّ قالَ أخبرَنِي أبي عنِ ابنِ وَدِيعَةَ عَنْ سلْمَانَ الفَارِسِيِّ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٍ يَوْمَ الجُمُعَةِ ويتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ويَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أوْ يَمسُّ مِنْ طِيبِ بيتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفرِّقُ بَينَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تكَلَّمَ الإمامُ إلاّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وبَيْنَ الجُمعةِ الأُخْرَى. (الحَدِيث 883 طرفه فِي: 910) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ويدهن من دهنه) .

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس. الثَّانِي: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب، واسْمه هِشَام الْقرشِي العامري أَبُو الْحَارِث الْمدنِي. الثَّالِث: سعيد بن أبي سعيد واسْمه: كيسَان المَقْبُري أَبُو سعيد الْمدنِي، والمقبري نِسْبَة إِلَى مَقْبرَة بِالْمَدِينَةِ كَانَ مجاورا بهَا. الرَّابِع: أَبُو سعيد المَقْبُري. الْخَامِس: عبد الله بن وَدِيعَة بن حرَام أَبُو وَدِيعَة الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، قتل بِالْحرَّةِ. السَّادِس: سلمَان الْفَارِسِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلم مدنيون. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين مُتَوَالِيَة وهم: سعيد وَأَبوهُ وَابْن وَدِيعَة، وَقد ذكر ابْن سعد ابْن وَدِيعَة من الصَّحَابَة، وَكَذَا ذكره ابْن مَنْدَه، وَعَزاهُ لأبي حَاتِم. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) : عبد الله ابْن وَدِيعَة بن حرَام الْأنْصَارِيّ، لَهُ صُحْبَة، وروى عَنهُ أَبُو سعيد المَقْبُري، فعلى هَذَا يكون فِيهِ: رِوَايَة تابعيين عَن صحابيين. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب. وَفِيه: أَن ابْن وَدِيعَة لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاّ هَذَا الحَدِيث. وَفِيه: غمز الدَّارَقُطْنِيّ على البُخَارِيّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّه اخْتلف فِيهِ على سعيد المَقْبُري، فَرَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب عَنهُ هَكَذَا، وَرَوَاهُ ابْن عجلَان عَنهُ، فَقَالَ: عَن أبي ذَر، بدل سلمَان، وأرسله أَبُو معشر عَنهُ، فَلم يذكر سلمَان وَلَا أَبَا ذَر، وَرَوَاهُ عبيد الله الْعمريّ عَنهُ فَقَالَ: عَن أبي هُرَيْرَة. انْتهى. قلت: رِوَايَة ابْن عجلَان من حَدِيث أبي ذَر أخرجهَا ابْن مَاجَه فَقَالَ: أخبرنَا سهل بن أبي سهل وحوثرة بن مُحَمَّد قَالَا: أخبرنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن ابْن عجلَان عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن عبد الله بن وَدِيعَة عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة فَأحْسن غسله، وتطهر فَأحْسن طهوره، وَلبس من أحسن ثِيَابه، وَمَسّ مَا كتب الله لَهُ من طيب أَهله، ثمَّ أَتَى الْجُمُعَة وَلم يلغ وَلم يفرق بَين اثْنَيْنِ غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى) . وَرِوَايَة أبي معشر عَن سعيد بن مَنْصُور، وَرِوَايَة عبيد الله الْعمريّ عَن أبي يعلى، وَلَا يرد كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ لِأَن رِوَايَة البُخَارِيّ والطريقة الَّتِي فِيهَا من اتقن الرِّوَايَات وأحكمها، وَغَيرهَا لَا يلْحقهَا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَا يغْتَسل رجل. .) إِلَى آخِره، مُشْتَمل على شُرُوط سَبْعَة لحُصُول الْمَغْفِرَة، وَجَاء فِي غَيره من الْأَحَادِيث شُرُوط أُخْرَى على مَا نذكرها إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الأول: الِاغْتِسَال يَوْم الْجُمُعَة، وَفِيه دَلِيل على أَنه يدْخل وَقت غسل الْجُمُعَة بِطُلُوع الْفجْر من يَوْمه، وَهُوَ قَول جُمْهُور الْعلمَاء. الثَّانِي: التطهر، وَهُوَ معنى: (ويتطهر مَا اسْتَطَاعَ من الطُّهْر) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (من طهر) بالتنكير، وَيُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة فِي التَّنْظِيف، فَلذَلِك ذكره فِي بَاب التفعل وَهُوَ للتكلف، وَالْمرَاد بِهِ: التَّنْظِيف بِأخذ الشَّارِب وقص الظفر وَحلق الْعَانَة، أَو المُرَاد بالاغتسال: غسل الْجَسَد، وبالتطهر: غسل الرَّأْس. أَو المُرَاد بِهِ: تنظيف الثِّيَاب، وَورد ذَلِك فِي حَدِيث أبي سعيد وَأبي أَيُّوب، فَحَدِيث أبي سعيد عِنْد أبي دَاوُد وَلَفظه: (من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة وَلبس من أحسن ثِيَابه) . وَحَدِيث أبي أَيُّوب عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ، وَلَفظه: (من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة وَمَسّ من طيب إِن كَانَ عِنْده وَلبس من أحسن ثِيَابه) . الثَّالِث: الادهان، وَهُوَ معنى قَوْله: (ويدهن من دهنه) ، وَالْمرَاد بِهِ: إِزَالَة شعث الرَّأْس واللحية بِهِ، ويدهن بتَشْديد الدَّال من بَاب الافتعال، لِأَن أَصله: يتدهن، فقلبت التَّاء دَالا وادغمت الدَّال فِي الدَّال. الرَّابِع: مس الطّيب، وَهُوَ معنى قَوْله: (أَو يمس من طيب بَيته) ، قيل: مَعْنَاهُ إِن لم يجد دهنا يمس من طيب بَيته، وَقيل: أَو، بِمَعْنى: الْوَاو. وَقَالَ الْكرْمَانِي: و: أَو، فِي (أَو يمس) لَا يُنَافِي الْجمع بَينهمَا. وَقيل: بِطيب بَيته ليؤذن بِأَن السّنة أَن يتَّخذ الطّيب لنَفسِهِ وَيجْعَل اسْتِعْمَاله عَادَة لَهُ، فيدخر فِي الْبَيْت بِنَاء على أَن المُرَاد بِالْبَيْتِ حَقِيقَته، وَلَكِن فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو عِنْد دَاوُد: (أَو يمس من طيب امْرَأَته) ، وَالْمعْنَى على هَذَا إِن لم يتَّخذ لنَفسِهِ طيبا فليستعمل من طيب امْرَأَته. وَفِي حَدِيث سلمَان عِنْد البُخَارِيّ وَلَفظه: (أَو يمس من طيب بَيته) ، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين فِي (شرح التِّرْمِذِيّ) : الظَّاهِر أَن تَقْيِيد ذَلِك بِطيب الْمَرْأَة والأهل غير مَقْصُود، وَإِنَّمَا خرج مخرج الْغَالِب، وَإِنَّمَا المُرَاد بِمَا سهل عَلَيْهِ مِمَّا هُوَ مَوْجُود فِي بَيته، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة: (ويمس من طيب إِن كَانَ عِنْده) . أَي: فِي الْبَيْت سَوَاء كَانَ فِيهِ طيب أَهله أَو طيب امْرَأَته. قَوْله: (ثمَّ يخرج) زَاد فِي حَدِيث أبي أَيُّوب عِنْد ابْن خُزَيْمَة: (إِلَى الْمَسْجِد) . الْخَامِس: أَن لَا يفرق بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ معنى قَوْله: (فَلَا يفرق بَين اثْنَيْنِ) ، وَهُوَ كِنَايَة عَن التبكير، أَي: عَلَيْهِ أَن يبكر فَلَا يتخطى رِقَاب النَّاس، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَيُقَال: مَعْنَاهُ لَا يزاحم رجلَيْنِ فَيدْخل بَينهمَا، لِأَنَّهُ رُبمَا ضيق عَلَيْهِمَا خُصُوصا فِي شدَّة الْحر واجتماع الأنفاس. السَّادِس: يُصَلِّي مَا شَاءَ وَهُوَ معنى قَوْله: (ثمَّ يُصَلِّي مَا كتب لَهُ) ، وَفِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ، (وَركع مَا قضي لَهُ) ، وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ أَيْضا (فيركع إِن بدا لَهُ) . السَّابِع: الْإِنْصَات، وَهُوَ معنى قَوْله: (ثمَّ ينصت) ، بِضَم الْيَاء: من الْإِنْصَات. يُقَال: أنصت إِذا سكت وأنصته إِذا أسكته، فَهُوَ لَازم ومتعد، وَالْأول المُرَاد هُنَا، ويروى: (ثمَّ أنصت) ، وَفِي أصُول مُسلم: (انتصت) ، بِزِيَادَة التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق. قَالَ عِيَاض: وَهُوَ وهم، وَذكر صَاحب (الموعب) والأزهري وَغَيرهمَا: أنصت ونصت وانتصت، ثَلَاث لُغَات بِمَعْنى وَاحِد فَلَا وهم

حِينَئِذٍ. قَوْله: (إِذا تكلم الإِمَام) أَي: إِذا شرع فِي الْخطْبَة. وَفِي حَدِيث قرثع الضَّبِّيّ: (حَتَّى يقْضِي صلَاته) ، وَنَحْوه فِي حَدِيث أبي أَيُّوب.

وَأما الزِّيَادَة على الشُّرُوط السَّبْعَة الْمَذْكُورَة. فَمِنْهَا: الْمَشْي وَترك الرّكُوب، وَفِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) : (من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة) الحَدِيث، وَفِيه: (ثمَّ مَشى إِلَى الْجُمُعَة) ، وَلَا شكّ أَن الْمَشْي فِي السَّعْي إِلَيْهَا أفضل إِلَّا أَن يكون بَعيدا عَن إِقَامَتهَا وخشي فَوتهَا فالركوب أفضل، وَهل المُرَاد بِالْمَشْيِ فِي الذّهاب إِلَيْهَا فَقَط أَو الذّهاب وَالرُّجُوع؟ أما فِي الذّهاب إِلَيْهَا فَهُوَ آكِد، وَأما فِي الرُّجُوع فَهُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ أَيْضا. وَمِنْهَا: ترك الْأَذَى، فَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب: (وَلم يؤذ أحدا) . فَإِن قلت: قَوْله: (فَلَا يفرق بَين اثْنَيْنِ) يُغني عَن هَذَا؟ قلت: الْأَذَى أَعم من التَّفْرِيق بَين الِاثْنَيْنِ، فَيحْتَمل أَن يكون الْأَذَى فِي الْمَسْجِد، وَفِي طَرِيق الْمَسْجِد، وَيدل عَلَيْهِ مَا فِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء: (وَلم يتخط أحدا وَلم يؤذ) ، والعطف يَقْتَضِي الْمُغَايرَة، فَهُوَ من ذكر الْعَام بعد الْخَاص. وَمِنْهَا: الْمَشْي إِلَى الْمَسْجِد، وَعَلِيهِ السكينَة. وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب: (ثمَّ خرج وَعَلِيهِ السكينَة حَتَّى يَأْتِي الْمَسْجِد) ، وَالْمرَاد بِهِ: التؤدة فِي مَشْيه إِلَى الْجُمُعَة وتقصير الخطا. وَمِنْهَا: الدنو من الإِمَام، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه، ثمَّ المُرَاد بالدنو من الإِمَام هَل هُوَ حَالَة الْخطْبَة أَو حَالَة الصَّلَاة إِذا تبَاعد مَا بَين الْمِنْبَر والمصلى مثلا؟ الظَّاهِر أَن المُرَاد حِينَئِذٍ الدنو مِنْهُ فِي حَالَة الْخطْبَة لسماعها، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) : (ثمَّ دنا حَيْثُ يسمع خطْبَة الإِمَام) ، والْحَدِيث ضَعِيف. وَمِنْهَا: ترك اللَّغْو، وَفِي حَدِيث عبد الله بن عمر، وَعند أبي دَاوُد: (ثمَّ لم يتخط رِقَاب النَّاس وَلم يلغ عِنْد الموعظة كَانَت كَفَّارَة لما بَينهمَا، وَمن لَغَا وتخطى رِقَاب النَّاس كَانَت لَهُ ظهرا) . وَفِي حَدِيث أبي طَلْحَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) (وأنصت وَلم يلغ فِي يَوْم الْجُمُعَة) الحَدِيث. واللغو قد يكون بِغَيْر الْكَلَام، كمس الْحَصَى وتقليبه بِحَيْثُ يشغل سَمعه وفكره، وَفِي بعض الْأَحَادِيث: (وَمن مس الْحَصَى فقد لَغَا) . وَمِنْهَا: الِاسْتِمَاع، وَهُوَ إِلْقَاء السّمع لما يَقُوله الْخَطِيب. فَإِن قلت: الأنصات يُغني عَنهُ؟ قلت: لَا لِأَن الانصات ترك الْكَلَام، وَالِاسْتِمَاع مَا ذَكرْنَاهُ، وَقد يستمع وَلَا ينصت بِأَن يلقِي سَمعه لما يَقُوله وَهُوَ يتَكَلَّم بِكَلَام يسير أَو يكون قوي الْحَواس بِحَيْثُ لَا يشْتَغل بالاستماع عَن الْكَلَام، وَلَا بالْكلَام عَن الِاسْتِمَاع، فالكمال الْجمع بَين الْإِنْصَات وَالِاسْتِمَاع.

قَوْله: (مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى) أَي: مَا بَين يَوْم الْجُمُعَة هَذَا وَبَين يَوْم الْجُمُعَة الْأُخْرَى. قَوْله: (الْأُخْرَى) يحْتَمل الْمَاضِيَة قبلهَا والمستقبلة بعْدهَا، لِأَن الْأُخْرَى تَأْنِيث الآخر بِفَتْح الْخَاء لَا بِكَسْرِهَا.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: اسْتِحْبَاب الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة، وَقَوله: (لَا يغْتَسل. .) إِلَى آخِره، وَهُوَ مَحْمُول على الْغسْل الشَّرْعِيّ عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء، وَحكي عَن الْمَالِكِيَّة تجويزه بِمَاء الْورْد، وَيَردهُ قَوْله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي (الصَّحِيح) (من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل الْجَنَابَة) . وَفِيه: اسْتِحْبَاب تنظيف ثِيَابه يَوْم الْجُمُعَة. وَفِيه: اسْتِحْبَاب الادهان والتطيب. وَفِيه: كَرَاهَة التخطي يَوْم الْجُمُعَة، وَقَالَ الشَّافِعِي: أكره التخطي إلاّ لمن لَا يجد السَّبِيل إِلَى الْمصلى إلاّ بذلك، وَكَانَ مَالك لَا يكره التخطي إلاّ إِذا كَانَ الإِمَام على الْمِنْبَر. وَفِيه: مَشْرُوعِيَّة التَّنَفُّل قبل صَلَاة الْجُمُعَة بِمَا شَاءَ، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (صلى مَا كتب لَهُ) . وَفِيه: وجوب الْإِنْصَات لوُرُود الْأَمر بذلك، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْكَلَام: هَل هُوَ حرَام أم مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه؟ وهما قَولَانِ للشَّافِعِيّ قديم وجديد، قَالَ القَاضِي: قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَعَامة الْفُقَهَاء: يجب الْإِنْصَات للخطبة. وَحكي عَن الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ: أَنه لَا يجب إلاّ إِذا تلى فِيهَا الْقُرْآن، وَاخْتلفُوا إِذا لم يسمع الإِمَام هَل يلْزمه الْإِنْصَات كَمَا لَو سَمعه؟ فَقَالَ الْجُمْهُور: يلْزمه. وَقَالَ النَّخعِيّ وَأحمد وَالشَّافِعِيّ، فِي أحد قوليه: لَا يلْزمه. وَلَو لَغَا الإِمَام هَل يلْزمه الْإِنْصَات أم لَا؟ فِيهِ قَولَانِ. وَفِيه: أَن الْمَغْفِرَة مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى، مَشْرُوطَة بِوُجُود مَا تقدم من الْأُمُور السَّبْعَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث فَإِن قلت: فِي حَدِيث نُبَيْشَة: (يكون كَفَّارَة للْجُمُعَة الَّتِي تَلِيهَا) ، فَمَا وَجه الْجمع بَين الْحَدِيثين؟ قلت: يحْتَمل أَن يحمل الحديثان على حَالين، فَإِن كَانَت لَهُ ذنُوب فِي الْجُمُعَة الَّتِي قبلهَا كفرت مَا قبلهَا، فَإِن لم تكن لَهُ ذنُوب فِيهَا بِأَن حفظ فِيهَا أَو كفرت بِأَمْر آخر إِمَّا بِالْأَيَّامِ الثَّلَاثَة الزَّائِدَة على الْأُسْبُوع الَّتِي عينهَا فِي الحَدِيث: (وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام) ، فتكفر عَنهُ ذنُوب الْجُمُعَة الْمُسْتَقْبلَة. فَإِن قلت: تَكْفِير الذُّنُوب الْمَاضِيَة: بِالْحَسَنَاتِ وبالتوبة وبتجاوز الله تَعَالَى، فَكيف يعقل تَكْفِير الذَّنب قبل وُقُوعه؟ قلت: المُرَاد عدم الْمُؤَاخَذَة بِهِ إِذا وَقع، وَمِنْه مَا ورد فِي مغْفرَة مَا تقدم من الذَّنب وَمَا تَأَخّر، وَمِنْه حَدِيث أبي قَتَادَة فِي (صَحِيح مُسلم) : (صِيَام يَوْم عَرَفَة احتسب على الله أَن يكفر السّنة الَّتِي قبله وَالسّنة الَّتِي بعده) .

 

Добавить комментарий

Ваш адрес email не будет опубликован. Обязательные поля помечены *

Давайте проверим, что вы не спамбот *Достигнут лимит времени. Пожалуйста, введите CAPTCHA снова.

Этот сайт использует Akismet для борьбы со спамом. Узнайте, как обрабатываются ваши данные комментариев.