124(2) (صحيح) وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
يُجاءُ بِالرَّجلِ يَومَ الْقِيَامَةِ ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ ، فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ ، فَتَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَليهِ ، فَيَقُولُونَ : يَا فُلَانُ مَا شَأْنُكَ ؟ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ تَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ : كُنْتُ آمُرُكُم بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا آتِيهِ ، وَ أَنْهَاكُمْ عَنِ الشَّرِّ وَ آتِيِه .
قال الشيخ الألباني في « صحيح الترغيب والترهيب » 124 : صحيح
قال الشيخ الألباني في « صحيح الجامع الصغير» 8022 : صحيح
124 — Передают со слов Усамы ибн Зайда, да будет доволен Аллах ими обоими, о том, что он слышал, как Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, говорил:
«В День воскрешения приведут человека, и ввергнут его в огонь, и вывалятся кишки, и будет он крутиться (в них) подобно ослу, вращающему (жернова) мельницы, и соберутся около него оказавшиеся в аду, которые станут говорить: “Что с тобой, о такой-то? Не побуждал ли ты нас к одобряемому и не удерживал ли от порицаемого?!” (На это) он скажет: “Да, я побуждал вас к одобряемому, но сам (одобряемого) не совершал, и я удерживал вас от зла, а сам делал это!”»
аль-Бухари (3267), Муслим (2989).
Хадис достоверный. См. «Сахих ат-Таргъиб ва-т-тархиб» (124), «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (8022).
شرح الحديث
التخريج : أخرجه البخاري (3267) واللفظ له، ومسلم (2989)
في هذا الحديثِ أدبٌ عظيمٌ مِن آدابِ مُناصَحةِ وليِّ الأمْرِ، ففيه أنَّه قِيل لأسامةَ بنِ زَيدٍ رضي الله عنه، ولم يُعيِّنِ الرَّاوي هنا مَن هو القائِلُ لأُسامةَ: (لو أتيتَ فُلانًا فكلَّمتَه)، كما لم يُعيِّنْ مَن المُشارُ إليه بقولِه: (فلانًا)، ولكنْ جاءَ في رِوايةٍ أُخرى: (قيل له: ألَا تدخُلُ على عُثمانَ، رضي الله تعالى عنه، وتُكلِّمُه في شأن الوليد بن عقبةَ وما ظهَر منه مِن شُربِ الخمر؟)، فقال أسامةُ: (إنَّكم لَترَوْنَ أنِّي لا أُكلِّمُه إلَّا أُسمِعُكم)، أي: أتظُنُّونَ أنِّي لا أُكلِّمُه إلَّا وأنتم تَسمَعونَ؟ (إنِّي أُكلِّمُه في السِّرِّ، دونَ أن أفتَحَ بابًا لا أكونُ أوَّلَ مَن فتَحَه)، أي: كلَّمتُه على سَبيلِ المصلحةِ والأدبِ والسِّرِّ دونَ أنْ يكون فيه تهييجٌ للفِتنةِ ونَحوِها، ثمَّ عرَّفهم أسامةُ بأنَّه لا يُداهِنُ أحدًا ولو كان أميرًا، بل يَنصَحُه في السِّرِّ ولا يتملَّقُ للأمراءِ فيَمدَحَهم في وجوهِهم بالباطلِ، فقال: (وما أنا بالذي أقولُ لرجلٍ بعدَ أنْ يكون أميرًا على رَجُلينِ: أنتَ خيرٌ، بعدَما سمِعتُ من رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: يُجاءُ برجلٍ)، أي: يُؤتَى به يومَ القِيامة، (فيُطرَحُ في النَّار، فيَطحَنُ فيها كطَحْنِ الحمارِ برَحَاهُ)، وفي رواية: (فتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ في النَّار فيَطحَنُ فيها كطَحنِ الحِمارِ برَحَاهُ)، أي: فتَخرُجُ أمعاؤه سريعًا فيَدُورُ فيها كدَورانِ الحمارِ حولَ رحاهُ، (فيُطِيفُ به أهلُ النَّار)، أي: يَجتمِعونَ حولَه، يُقال: أطافَ به القومُ إذا حلَّقوا حولَه حَلْقَةً، (فيقولون: أيْ فلانُ)، أي: يا فلانُ، (ألستَ كنتَ تأمُر بالمعروف وتَنهى عن المُنكَرِ؟! فيقول: إنِّي كنتُ آمُرُ بالمعروف ولا أفعلُه، وأَنهى عن المنكَرِ وأفعلُه).
والحاصل: أنَّهم أرادوا مِن أسامةَ أن يُكلِّمَ عثمانَ في شأنِ الوليدِ بنِ عُقبةَ؛ لأنَّه كان ظهَر عليه رِيحُ نَبيذٍ وشَهَرَ أمْرَه، وكان أخَا عثمانَ لأُمِّه وكان يَستعملُه، فقال أسامةُ: قد كلَّمتُه سِرًّا دونَ أن أفتَحَ بابًا، أي: بابَ الإنكارِ على الأئمَّة علانيَةً؛ خشيةَ أن تَفترِقَ الكلمةُ، ثمَّ عرَّفهم أنَّه لا يُداهِنُ أحدًا ولو كان أميرًا بل يَنصَحُ له في السِّرِّ جَهْدَه، وذكَر لهم قصَّةَ الرَّجُلِ الذي يُطرَحُ في النَّار؛ لكونِه كان يأمُر بالمعروف ولا يفعلُه؛ ليتبرَّأَ ممَّا ظنُّوا به من سكوتِه عن عثمانَ في أخيه.
وفي هذا الحديثِ: ذمُّ مُداهنةِ الأمراءِ في الحقِّ وإظهارِ ما يُبطِنُ خلافَه كالمتملِّقِ بالباطل.
وفيه: الأدبُ مع الأمراءِ واللُّطفُ بهم ووعْظُهم سرًّا، وتبليغُهم قولَ النَّاس فيهم؛ ليَكُفُّوا عنه