81(15) (حسن لغيره) وعن أبي أمامة قال:
ذُكرَ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالِمٌ ، فَقَالَ عليهِ أفضلُ الصلاةِ والسَّلامِ : فَضْلُ العَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ اللَّهَ ومَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِها ، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ .
رواه الترمذي (2685) وقال: حديث حسن صحيح .
قال الشيخ الألباني في « صحيح الترغيب والترهيب » 81 : حسن لغيره
قال الشيخ الألباني في « صحيح الجامع الصغير » 4213 : صحيح
قال الشيخ الألباني في « صحيح سنن الترمذي » 2685 : صحيح
قال الشيخ الألباني في « مشكاة المصابيح » 213 : حسن
81 — Сообщается, что Абу Умама (да будет доволен им Аллах) сказал:
«Однажды при Посланнике Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, упомянули о двух людях, один из которых был поклоняющимся, а другой знающим, и тогда (Пророк), да благословит его Аллах и приветствует, сказал: “Превосходство учёного над (просто) поклоняющимся (человеком), подобно моему превосходству над самым нижайшим из вас”. После чего Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: “Поистине, Аллах, Его ангелы, обитатели небес и земли, и даже муравей в муравейнике и кит (в море) призывают благословения на обучающего людей благому”». Этот хадис передал ат-Тирмизи (2685), который сказал: «Хороший достоверный хадис».
Шейх аль-Албани назвал хадис хорошим в силу существования других, подкрепляющих его хадисов. См. «Сахих ат-Таргъиб ва-т-тархиб» (81), «Сахих аль-Джами’ ас-сагъир» (1838, 4213), «Мишкатуль-масабих» (213).
شرح الحديث
للعُلماءِ فضلٌ وأجرٌ عظيمٌ؛ وذلك بما مَنَّ اللهُ عليهم مِن العِلمِ الذي تَعلَّموه ويَنشُرونَه في النَّاسِ، فيَرفَعون بهم جَهْلَهم، ويَقودُهم نحوَ مَعالِمِ الخيرِ الَّتي يَصلُحُ بها شأنُ دينِهم ودُنياهم.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو أُمامةَ الباهليُّ رضِيَ اللهُ عَنه: أنَّه «ذُكِر لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رَجُلانِ أحَدُهما عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ»، أي: هل هُما مُستَوِيان في الفَضلِ والأجرِ؛ هذا بعِبادتِه، وهذا بعِلمِه؟ «فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فضلُ العالِمِ»، أي: إنَّ له مِن الأجرِ والثَّوابِ ما يَفضُلُ ويَزيدُ «على العابِدِ»، والمرادُ بالعالِمِ: هو صاحبُ العُلومِ الشَّرعيَّةِ مع قيامِه بما يَستَلزِمُ ذلك مِن عباداتٍ بدَنيَّةٍ مِن صلاةٍ وصومٍ، ونحوِ ذلك، وقَلبيَّةٍ مِن خشوعٍ وتَوكُّلٍ، ونحوِ ذلك، والمرادُ بالعابِدِ: المجتهِدُ في العبادةِ، وقد حصَّل قبلَ ذلك ما يَلزَمُه مِن عِلمٍ شرعيٍّ فيما يَخُصُّه مِن عِباداتٍ مأمورٍ بها أو يَفعَلُها تطَوُّعًا، ثمَّ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الفرْقَ بينَ الاثنينِ، فقال: «كفَضْلي على أَدْناكم»، أي: إنَّ العالِمَ يتَقدَّمُ في الشَّرَفِ والرِّفْعةِ على العابِدِ، كتَقدُّمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أدْنَى أصحابِه رضِيَ اللهُ عَنهم، وفي هذا مبالغة شديدة في بيان فضل العالِمِ؛ إذ إنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لو قال: كفَضْلي على أَعْلاكم لكَفَى فضلًا وشرَفًا، فكيفَ وقد قال كفَضْلِي على أدْناكم؟!
«ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم»، أي: استأنَف الكلامَ لِيُبيِّنَ سببَ هذا التَّفضيلِ قائلًا: «إنَّ اللهَ ومَلائِكتَه وأهلَ السَّمواتِ»، قيل: المرادُ بالملائكةِ: هم حَملَةُ العَرشِ، والمرادُ بأهلِ السَّمواتِ: باقِي الملائكةِ، «والأرضِ»، أي: وأهلَ الأرضِ، والمرادُ بهم: الإنسُ والجنُّ وجميعُ الحيواناتِ، «حتَّى النَّملةَ في جُحْرِها»، أي: مَسْكَنِها في باطنِ الأرضِ، وقيل: ثَقْبِها الَّذي تَأْوي إليه أينَما وُجِد، «وحتَّى الحوتَ»، أي: الَّذي يكونُ في أعالي البِحارِ، «لَيُصَلُّون»، أي: يَدْعون بالخيرِ، «على مُعلِّمِ النَّاسِ الخيرَ»، أي: للعالِمِ؛ وذلك لِنَشرِه للعِلمِ بينَ النَّاسِ، والمرادُ بالخيرِ هنا: هو عِلمُ الدِّينِ الَّذي هو أنفَعُ لهم وما به النَّجاةُ، قيل: وفي هذا إشارةٌ إلى وجهِ الأفضليَّةِ بأنَّ نفْعَ العِلمِ مُتعَدٍّ ونفْعَ العبادةِ قاصِرٌ، مع أنَّ العِلْمَ في نفسِه فرضٌ، وزيادةَ العبادةِ نافلةٌ.
وفي هذا الحديثِ: الحثُّ على تعليمِ النَّاسِ الخيرَ.
وفيه: الحَثُّ على الحِرصِ على العِباداتِ المتعدِّيةِ في النَّفعِ للغيرِ.
وفيه: بيانٌ لِتَفاوُتِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عَنهم بعضِهم على بعضٍ في الأفضليَّةِ.